الشأن الإسبانيتقاريرسياسة
أخر الأخبار

المغرب وإسبانيا بين معادلة القوة ومعضلة الأمن.. قراءة في تقرير عسكري إسباني مثير للجدل

التقرير الإسباني.. المغرب يدير معركة متعددة الأبعاد، بينما تظل إسبانيا أسيرة ردود فعل متأخرة، بلا رؤية شاملة، ما يضعها في موقع التابع بدل الفاعل..

كشفت تقارير إعلامية إسبانية عن دراسة صادرة عن القائد العسكري إيميليو خوسي أرياس أوتيرو، اعتبرت أن مدريد تعيش حالة “رد فعل متأخر” أمام تحركات المغرب، الأمر الذي يمنح الرباط زمام المبادرة في الملفات الثنائية الحساسة، وعلى رأسها قضيّة سبتة ومليلية.

التقرير شدّد على أن المغرب بصدد إحداث نقلة نوعية في قدراته العسكرية، عبر صفقات تسليح متقدمة تشمل الطائرات المسيّرة، أنظمة الدفاع الجوي، والفرقاطات، بدعم لوجستي وتقني من الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل.

واعتبر ذات المتحدث، أن هذا التحديث “غير مسبوق” وقد يعيد رسم موازين القوة في غرب المتوسط، لاسيما إذا تجاوزت القدرات المغربية نظيرتها الإسبانية في بعض المجالات الاستراتيجية.

لكن ما يثير القلق، بحسب القائد العسكري، أن التفوق المغربي لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يمتد إلى استخدام أدوات هجينة تشمل أوراق الاقتصاد والدبلوماسية والهجرة، وصولاً إلى تقنيات التجسس مثل برنامج “بيغاسوس” الذي ظل مثار جدل في العلاقات الثنائية.

هذا التوسع في الأدوات يوحي وفق التقرير، بأن المغرب يدير معركة متعددة الأبعاد، بينما تظل إسبانيا أسيرة ردود فعل متأخرة، بلا رؤية شاملة، ما يضعها في موقع التابع بدل الفاعل.

وفي السياق ذاته، أشار أوتيرو إلى ما يعرف بـ”معضلة الأمن”، أي أنّ سباق التسلح بين دولتين متجاورتين لا يؤدي إلى التهدئة بل إلى تصعيد التوتر.

وأوضح أن الاستراتيجيات الأمنية الإسبانية منذ عام 2000 لم تضع قضية المدينتين المحتلتين في صلب أولوياتها، حتى خلال أزمات كبرى مثل أزمة الهجرة في ماي 2021، وهو ما اعتبره قصوراً استراتيجياً يُضعف قدرة مدريد على الردع.

التقرير وجه أيضاً نقداً حاداً للخيارات الدبلوماسية الإسبانية، خاصة قرار حكومة بيدرو سانشيز بدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء دون مقابل ملموس، واصفاً الخطوة بأنها “استرضاء خطير” شجع الرباط على زيادة الضغط في ملفات أخرى.

كما لفت إلى أن سبتة ومليلية لا تخضعان صراحة للحماية التي تمنحها المادة الخامسة من معاهدة الناتو، وهو ما يجعل أي مواجهة محتملة مع المغرب خارج نطاق الضمانات الأطلسية، مستشهداً بتجربة أزمة جزيرة “ليلى” سنة 2002 حينما بقي التدخل الأوروبي محدوداً.

وبناءً على ذلك، خلص أوتيرو إلى أن إسبانيا تفتقر إلى رؤية استراتيجية متكاملة، داعياً إلى تحركات عاجلة لتعزيز القدرات العسكرية، وتبنّي خطاب دبلوماسي أكثر حزماً في مواجهة الرباط، مع تقليص الارتهان للتحالفات الأوروبية والأطلسية، وتطوير أدوات للتصدي للحرب الهجينة التي يجيد المغرب توظيفها.

القراءة التحليلية لهذا التقرير تكشف عن هاجس إسباني متصاعد تجاه ما ينظر إليه “كصعود مغربي استراتيجي” في المنطقة.

فمدريد، التي اعتادت على تفوّقها التاريخي في المجال العسكري والدبلوماسي، تجد نفسها اليوم أمام جار جنوبي لا يكتفي بمراكمة السلاح، بل يوظف أوراقاً متعددة تربك الحسابات الأوروبية..

وهذا ما يجعل النقاش حول سبتة ومليلية لا ينفصل عن جدلية أوسع، هل تمتلك إسبانيا القدرة على الانتقال من موقع الدفاع المتأخر إلى صياغة سياسة استباقية تعيد التوازن مع المغرب، أم أنها ستظل أسيرة منطق “رد الفعل” حتى تتجاوزها الأحداث؟

https://anbaaexpress.ma/ptlbg

عبد الحي كريط

باحث وكاتب مغربي، مهتم بالشأن الإسباني، مدير نشر أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى