تقاريرحديث الساعةعاجل
أخر الأخبار

تقرير حصري: نجل شنقريحة ظل الاستخبارات الجزائرية الذي يطارد المنفيين في باريس

في خلفية هذا المشهد المعقد، يتكشف وجه آخر للصراع: الجزائر مستعدة للدخول في أزمة مفتوحة مع فرنسا فقط لحماية شفيق شنقريحة، نجل الجنرال الذي يُنظر إليه في بعض الأوساط كـ"وريث أمني" مستقبلي داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية..

حديث الساعة.. “عيش نهار تسمع خبار”

في تصعيد غير مسبوق يضع العلاقات الفرنسية الجزائرية على حافة القطيعة، برز إسم شفيق شنقريحة، نجل الجنرال القوي السعيد شنقريحة، كأحد اللاعبين المركزيين في ملف استخباراتي معقد. قضية أمير بوخرص، المعروف باسم “أمير DZ” لم تعد مجرد مسألة جنائية، بل تحوّلت إلى مرآة مكشوفة لحرب سرية تقودها الجزائر ضد معارضيها في المنفى، في قلب أوروبا.

ضابط جزائري.. ومخطط استخباراتي في باريس

تشير التحقيقات الفرنسية إلى أن أحد المعتقلين الثلاثة في قضية اختطاف أمير DZ، هو رقيب يتبع لمديرية المستندات والأمن الخارجي الجزائرية، وكان يعمل تحت غطاء دبلوماسي في القنصلية الجزائرية بمدينة كريتاي.

وتتهمه النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في باريس بالضلوع في عملية “خطف واحتجاز وتآمر جنائي ذي طابع إرهابي”.

ويأتي ذلك في وقت تتجه فيه أصابع الاتهام إلى نجل الجنرال السعيد شنقريحة، الضابط شفيق، بصفته العقل المدبر للشبكات الاستخباراتية الجزائرية في فرنسا. وقد غادر هذا الأخير الأراضي الفرنسية في ديسمبر الماضي، تفاديًا لاحتمال توقيفه من طرف السلطات.

سياق أكبر.. وتاريخ حافل بالعمليات الخارجية

بعيدًا عن الطابع الفردي، تنسجم هذه الحادثة مع نمط متكرر من تدخلات أجهزة المخابرات الجزائرية في الخارج. فالصيف الماضي، فشلت محاولة استهدفت المعارض هشام عبود في إسبانيا، قبل أن تُجهضها السلطات الإسبانية.

أما تاريخ الجزائر مع الاغتيالات السياسية خارج حدودها فيحمل سوابق ثقيلة: اغتيال المحامي “علي مسيلي” في باريس سنة 1987، واغتيال “محمد خيضر” و”كريم بلقاسم”، من أبرز مؤسسي جبهة التحرير الوطني وزعيمي المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، في عهد الرئيس هواري بومدين.

كما طالت محاولات خطف وتصفية معارضين جزائريين عدة عواصم أوروبية، مثل مدريد وبروكسيل وباريس، على مدى العقود الماضية.

حماية “الوريث الأمني”.. ولو على حساب المصالح الوطنية

في خلفية هذا المشهد المعقد، يتكشف وجه آخر للصراع: الجزائر مستعدة للدخول في أزمة مفتوحة مع فرنسا فقط لحماية شفيق شنقريحة، نجل الجنرال الذي يُنظر إليه في بعض الأوساط كـ”وريث أمني” مستقبلي داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن رئيس مكتب المختبرات التقنية للجيش الجزائري وقت محاولة الاختطاف كان هو الجنرال “رشدي فتحي موساوي”، أصغر الجنرلات الذي عُيّن لاحقًا مديرًا عامًا للاستخبارات الجزائرية. وهو يتحمل، بحكم موقعه ومسؤوليته، مسؤولية مباشرة في تسهيل أو تغطية هذه العملية الفاشلة، ما يطرح أسئلة خطيرة حول مدى تورط القيادة العليا في إعطاء الضوء الأخضر لهكذا عمليات خارجية.

تصعيد متبادل.. وقطيعة تلوح في الأفق

بعد اعتقال الجزائريين الثلاثة، سارعت الجزائر إلى طرد 12 دبلوماسيًا وموظفًا فرنسيًا، من بينهم عناصر أمن، في خطوة اعتُبرت بمثابة “رد عقابي” على ما جرى. لكن باريس، من جهتها، توعدت بالرد، مما يجعل التصعيد مرشحًا للخروج عن السيطرة.

كل ذلك يأتي في ظل علاقة مأزومة أصلاً بين الجزائر وفرنسا، منذ أن أعلنت باريس دعمها الصريح لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء المغربية، في معارضة مباشرة لمواقف الجزائر المعادي للمملكة المغربية.

لهذا تراكمت الخلافات بشكل واضح بعدها حول قضايا الهجرة، والحريات، واعتقال الكاتب المرموق بوعلام صنصال الذي لا يزال يقبع في أحد سجون الجزائر العاصمة.

وجدير بالذكر، قضية أمير DZ لم تعد مجرد ملف أمني أو جنائي، بل أصبحت مرآة لذهنية النظام الجزائري: نظام مستعد للتضحية بعلاقاته الاستراتيجية ومصالح الدولة من أجل حماية رموز منظومته الأمنية.

ولكن الخطير والغريب في قلب هذا المشهد المثير، يبرز اسم “شفيق شنقريحة” كرمز لتوريث السلطة داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية، وكواجهة لحرب خفية تُخاض بأدوات الدبلوماسية، ووسائل الاستخبارات.

وحتى لا ننسى بأن السلطة الجزائرية هي في خدمة العائلة المسيطرة على كل شيء: “من نجل شنقريحة إلى ابنة تبون”، فإن قضية شفيق شنقريحة ليست المثال الوحيد على تغوّل النفوذ العائلي داخل هرم السلطة الجزائرية.

فقد سبقتها أو تزامنت معها تسريبات وتقارير إعلامية تتعلق بابنة الرئيس عبد المجيد تبون، التي تطرق لها “أمير  DZ” أكثر من مرة، وبتقديم حقائق دامغة، التي يقال إنها تورطت في قضايا فساد واستغلال نفوذ ضمن دوائر مالية وتجارية مغلقة، بالإضافة انها تستغل وتعيش على حساب خزينة الدولة الجزائرية بشكل فاضح.

وبحسب مصادر مطلعة أفادت لأنباء إكسبريس، لقد جرى التكتم على هذه القضايا بتدخل مباشر من أجهزة عليا في الدولة، تمهيدًا لتجنب أي إحراج داخلي أو خارجي قد يضر بصورة النظام العسكري، ويعجل الحراك الشعبي، والمطالبة بدولة مدنية ماشي عسكرية.

وفي ظل هذه المعطيات، يتعمق الانطباع بأن أجهزة الدولة الجزائرية لم تعد تُدار وفق معايير المصلحة العامة، بل تُسخَّر لحماية “أبناء وبنات” النظام العسكري، حتى لو كان الثمن هو المساس بسمعة البلاد “الجزائر”، والتضحية بعلاقاتها الدولية، وتجاهل معاناة المواطن العادي الذي يعيش يوميًا في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وتضييق متصاعد على الحريات.

وخلاصة القول هكذا أصبح يتجلّى منطق الحماية العائلية داخل الدولة العميقة المتحكمة، حيث تحولت الجزائر إلى دولة رهينة لولاءات أسرية ومصالح ضيقة، تُدار بمنطق المافيا لا مؤسسات الدولة.

يتبع…

https://anbaaexpress.ma/p6k1x

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي خبير في الشأن المغاربي مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى