من المرتقب أن يفتتح الملك محمد السادس الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان، طبقا لمقتضيات الفصل الخامس والستين من الدستور، الذي ينص على أن البرلمان:
“يعقد جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ، وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل”.
على أن ينطلق العمل في البرلمان بغرفتيه خلال هذه الدورة بدراسة جملة من النصوص التشريعية، و مشاريع قوانين مهيكلة ذات أهمية بالغة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي لاسيما في ضل الظروف الوطنية والدولية الحرب الروسية الأوكرانية، وما رافقها من ارتفاع عالمي في أسعار المحروقات والمواد الأولية.
وتشكل هذه الدورة التشريعية التي ستفتتح يوم الجمعة إنطلاقة جديدة للعمل البرلماني الذي يترقبه مجموعة من التحديات الداخلية، المتمثلة أساس في الإسراع بإخراج النصوص ذات الأولوية نظرا لأهميتها الإستراتيجية في السياقين الدولي والوطني، على رئسها قانون الإطار الخاص بميثاق قانون الاستثمار الذي يُعوّل عليه لمساعدة الاقتصاد الوطني، من حيث توفير شروط الملائمة للاستثمار، وتبسيط المساطر وضبطها لجذب الاستثمارات الأجنبية، وكذا فسح المجال أمام المغاربة المقيمين في الخارج للمساهمة في مجال الاستثمار.
هذا إلى جانب مشروع القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة الذي يعد أساسيا للتحكم في ارتفاع الأسعار، والحد من تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين، والحفاظ على التوازنات المالية للبلاد وتحقيق صمود الاقتصاد الوطني.
كما سيرتكز الاهتمام حول ورش الحماية الاجتماعية والذي يفترض أن يجري استكماله بنهاية سنة 2022، من أجل تعميم التغطية الصحية لتشمل حوالي 22 مليون مغربي، للاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
وعلى الصعيد الحكومة، من المنتظر أن تتفاعل مع مبادرات القوى المعارضة داخل البرلمان، سوى المبادرات التشريعية منها أو الرقابية، خصوصا أن السنة الأولى من عمر الحكومة، تميزت بتجاهل الحكومة دعوات المعارضة البرلمانية، لمناقشة مواضع آنية ومفيدة وتشغل بال الرأي العام الوطني على غرار الدخول المدرسي والجامعي موجة غلاء أسعار المحروقات.
كما أن الدورة التشريعية المقبلة ستعرف تداعيات تقرير مجلس المنافسة الأخير بشأن ملف المحروقات، وقرار بنك المغرب برفع نسبة الفائدة إلى 2 في المئة، على طبيعة النقاشات التي سيعرفها الدخول البرلماني الجديد.
على العموم فاستمرارية الحرب في أوكرانيا، ستؤثر على الاقتصاد الوطني، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة، وأسعار المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية، واستمرار الأسعار على حالها أو زيادتها سيسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية، كلها تداعيات اقتصادية ومالية تفرض على الفاعل السياسي ابتكار حلول ناجعة للتعاطي معها في ظل انتظار موسم فلاحي متوسط وسط تراجع التساقطات المطرية.
وهكذا بعد مرور سنتين كاملتين، من المعاناة مع الأزمة العالمية فيروس “كوفيد-19” يجد الفاعل السياسي داخل المؤسسة التشريعية نفسه في التعامل من أزمة عالمية من نوع أخر.