آراءمنوعات

تحدي الشيخوخة

وأحيانا أقول في نفسي مع الموت قد ندخل عالما موازيا من مضاد المادة فتدخل الطاقة أجساما جديدة مع انقلاب شحنات الذرات..

البشر يشيخون هذا حق.. ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون.. وكلنا يريد أن يشيخ وكلنا يريد أن يعمر ويحافظ على الشباب؟ مثل من يريد أن يأكل من الكعكعة ويحافظ عليها؟ وما هو بقادر على ذلك.

فمن أكل انتهت الكعكعة والحفلة، والشمعة تذوب مع الزمن فتلتهم نفسها، ومن أراد أن يجمد الزمن فهي حالة واحدة فقط بالتصوير؛ فالصورة تحبس الزمن للحظة، أما عموم الزمن فهو يتدفق بدون ماسك وصاد وحاجز، إلا بالركوب على ظهر شعاع الضوء كما تقول النسبية. وهو مستحيل إلا بطريقين؛ الأول كما جاء في الحديث عن تحولنا إلى أجسام نورانية عن أول زمرة يدخلون الجنة أنهم على هيئة القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على أشد كوكب دري في السماء إضاءة.

وأما المعراج الثاني لكسر الزمن ولجمه ونفيه وحبسه فهي كما جاءت في القرآن عن جنة عرضها السموات والأرض، حسب النظرية النسبية الخاصة بتوقف الزمن بكسب سرعة الضوء، أو النسبية العامة بالوقوف على كتلة لانهائية؟ ومن هذين يوقف الزمن فيبقى الشباب؟

ومن هذين المدخلين يقف الزمن فيذبح كأنه كبش أملح، وهنا ندخل فيزياء جديدة مختلفة عن الفيزياء التي نعرفها في حياتنا حين نرى في المنام أننا نطير مثل الطيور المهاجرة..

وأحيانا أقول في نفسي مع الموت قد ندخل عالما موازيا من مضاد المادة فتدخل الطاقة أجساما جديدة مع انقلاب شحنات الذرات، وإن الآخرة لهي دار الحيوان لو كانوا يعلمون؟ والله يعلم وأنتم لاتعلمون.

ولكن هل سيصل الفريق العلمي إلى قهر الشيخوخة والعمر المديد والصحة الوافرة فلا تكدر بمرض أو تعكر بهم وحزن وألم؟

وهل سيحققون طول العمر؟ مع صحة متدفقة وشيخوخة ناعمة، دون نصب، وهم في الغرفات آمنون؟
تبدأ القصة من جامعة (ويسكونسين Wisconsin) من (ماديسون Madison) من مركز الأبحاث الوطني للحيوانات البدائية في أمريكا (Wisconsin National Primate Research Center) قبل أكثر من 17 سنة، حيث انطلقت التجربة على القرود، بعد تحققها على كائنات بدائية مختلفة، وذلك عام 1989م، وقامت التجربة على وضع 30 قردا، بعمر عشر سنوات، من نوع الريسوس (Rhesus Monkeys) في مجموعتين من الأقفاص، ضم كل قفص 15 قردا؛ فأما المجموعة الأولى التي ينتسب لها القرد (أوين Owen) فقد سمح لها أن تأكل لما فوق الشبع، وتلتهم كل طعام بدون تحديد الكالوري، فأكلوا كما جاء في الحديث: الكافر يأكل بسبعة أمعاء والمؤمن يأكل بمعي واحد..

وأما المجموعة الثانية التي ينتسب لها القرد (كانتو Canto) فقد حرمت من الطعام، وجُوِّعت وقُتِّر عليها، وحدد الكالوري بكمية أقل بـ 30% مما تحتاج، وهكذا صامت صوما مديدا لمدة سبع عشرة سنة ويزيد؟؟

مع هذا تمت مراعاة إطعام الفريقين من حاجته اليومية من المعادن والماء والفيتامينات.

ولكن الطعام كان مباحا بدون حدود لمجموعة القرد (أوين)، ومحرمة ناقصة بمقدار الثلث لمجموعة القرد (كانتو).

فأما الأول فملأ من شحم عضديه، وأما الثاني فبات يصوم ويشد على بطنه؟

وكان الباحث (ريشارد فاين دروخ Richard Weindruch) يراقب العملية بصبر ودقة وإحصاء.
وبعد كل هذه المدة؛ فقد بلغ كلا الفريقين من القرود في المجموعتين العمر الافتراضي 26 عاما، بحيث يمكن مقارنة شيخوخة كل فريق مع الأخر.

وهنا بدأت الفروق جلية كما قال الباحث، فأما مجموعة أوين فقد ظهر فيها التجعد على الوجوه، مع تكوم الكروش، وتشحم الكبد، والضعف العام، والهمة الفاترة، وتساقط الشعر، والانكماش في المكان، والكسل في الحركة، وتهدل الجلد، مع عيون غائرة انطفأ فيها لمعان الحياة، في ظل شيخوخة طامة ونكس قاتل..

كان منظر أوين من مجموعة (تحشية) الأمعاء، بما لذ وطاب بدون حدود عجيبا ، من كتف معلق، وعيون غائرة، وكرش مدلى، وإذا قدمت له موزة رفع ذراعه بصعوبة وتثاقل، ومد يدا ترتجف.

أما (كانتو) من المجموعة الصائمة فكان رشيقا نشيطا، بدون كرش، بجلد مشدود، يقفز بفرح، ويسلم على الزوار بمرح، ويتناول طعامه برشاقة، ويقشر الموزة بخفة، ويلتهم محتواها بشغف، جلده مرن مطاطي، ووجه عامر طافح، وتلمع عيونه بالحياة.. وكان جل طعامه من الفاكهة…

هذه التجربة الرائدة كان القصد منها الوصول إلى السؤال الأزلي الذي طرحه جنكيزخان على الحكيم الصيني؟ هل من طريق للأبدية؟

وهنا في الطب ليس من أبدية!! بل جواب الحكيم الصيني للطاغية المنغولي؟

يا سيدي ليس عندي من أكسير للحياة الأبدية، ولكن بقدرتي أن أنصحك كيف تعيش حياة مديدة بصحة طيبة؟
وهذا الذي يسعى خلفه البشر فلا يستطيعون ولا يحققون، لذا كان وزير الخارجية الكندية محقاً أن يعلن عن تطليق السياسة والعودة للطبيعة، بعد أن لاحظ تفجر الدم من منخريه وعمره 63 عاماً؟

كانت النتيجة حاسمة في مستويين؛ فأما مجموعة أوين الملتهمة للأطعمة كيفما اتفق؛ فقد مات أكثر من نصفها، وأصيبت بنخر في الكبد، وتهدل في القلب، واكتنز أكثر من 70% من جسمها بالشحم، وعاش من تبقى من عناصرها بصحة متردية، ومات من أصل 15 قردا ثمانية؟!.

وأما مجموعة كانتو النشيطة (الصائمة) فقد مات منها الثلث(5 خمسة) وعاش بقية الثلثين بفرح وصحة؟
ويقول الباحث فايندروخ الذي قاد التجربة كل هذه الفترة بصبر ودأب: ليس هذا فقط بل بدأنا نستوعب أهمية فائض الحياة الذي يحققه الصيام؟

الصيام يمد في العمر، وفي القرآن وأن تصوموا خير لكم، ولم يجرب المسيح من الشيطان إلا بعد صوم ثلاثين يوما، فلما جاع أخيرا جاءه الشيطان يجربه، ففاز فوزا عظيما، وانتصر على أوهام الشيطان؛ حين أراد امتحانه؟ في مجموعة تجارب؛ أن يرمي نفسه من شاهق فتتلقفه الملائكة ولا تترضرض سلقه من خدش؟ وأن يطلب ثروات العالم؟ أو أن يعيش من الطعام دون الكلام؟

فكان جوابه لا تمتحن الرب إلهك، وملكوت السموات أفضل من غرور العالم، ولا يحيا الإنسان بالخبز وحده، بل بكل كلمة طيبة!

أما موسى فقد دخل نفس التجربة، فواعده الرب ثلاثين ليلة، ثم أتمها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة، ثم ذهب للقاء الله..

وعند الحيوانات ثبت أن الصيام يمد عمرها..
ثبت هذا عند خلايا الفطور والعناكب والذباب والسمك والفئران والجرذ، ويسمون هذا (تحديد الكالوري)، ووضعوا له قاعدة عامة تقول: من يأكل 30 إلى 50% أقل يعش أكثر بـ 30 إلى 50% من نسبة العمر أكثر؟

https://anbaaexpress.ma/mgpo5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى