ثقافة

حب عنيف.. قصة و عبرة

إحك ياشكيب

يحكى أنه في غابة من غابات إفريقيا إجتمعت جميع فصائل الحيوانات في ساحة محاطة بأشجار وارفة و قرروا إقامة جلسة مسائية للحكي و السمر لإشاعة روح المحبة بين جميع الحيوانات و لمزيد من التعارف و التقارب، فحدد اليوم و المكان و التوقيت.

فجاء اليوم الموعود فتحلق الجميع في الساحة المعلومة و تم افتتاح الجلسة من طرف الملك السبع و ألقى كلمة تحدث فيها عن معنى الإخاء و التضامن و الرحمة و حسن الظن.

فتأثر لكلمته كل من حضر و صفقوا له طويلا و بدوره شكر الجميع على هذه الثقة التي وضعوها فيه، و منح الكلمة لزوجته التي بدورها أشادت بكلمة زوجها و ثمنتها و تمنت أن تصبح مضامين كلمته واقعا ملموسا و تغيب الضغينة و الحقد و الحسد، و بعد ذلك تناول الملك الكلمة ثانية فاقترح على الحاضرين أن يحكي لهم أحد الحاضرين منهم حكاية العاشقين المحبين اللذان إنتشر وذاع صيت حبهما العنيف بين كل أهل الغابة، جميع الحاضرين راقتهم الفكرة فطلبوا من الببغاء أن ينفذ أمر الملك فوافق على الفور.

فبدأ الببغاء حديثه بما يلي: “أحب كلب قردة و أحبت القردة الكلب و كان حب أحدهما للآخر حب يصعب وصفه حب عنيف عندما يكونان معا يكون الأنس و الطمأنينة و عندما يفترقان تشتد لوعة كل واحد منهما للآخر مما يكون سببا في توثر علاقتهما، و دام الحال على هذا المنوال لسنوات ذوات العدد، و صار هذا الحب حديث الجميع و مفخرة عند كل من سمع به في زمن اللامبالاة و الإهمال و فتور الحس العاطفي و الحب الحقيقي.

تحولت علاقة المحبين العاشقين إلى غيرة زائدة، غيرة مرضية تكاد تعصف بعلاقتهما، فكم من مرة تواعدا على أن يخففا من حدتها و لكن هيهات، بل كم مرة إفترقا على أمل عدم العودة لبعضهما البعض، و مع مرور الأيام و الأسابيع و الشهور يشتد إشتياق كل واحد منهما للآخر فتعود علاقتهما كما كانت حبا عميق الأحاسيس الجميلة.

و لكن ما أغضب من يعرفونهما عن قرب مللهما من هذه التوترات رغم إعجابه ا بهذا الحب العميق العنيف و الاهتمام المتبادل بينهما والمفتقد في تلك الغابة بين أهلها”

فالتفت الملك إلى زوجته مبتسما و لسان حاله يقول لسنا وحدنا من نعيش على هذا الإيقاع و بدورها قالت زوجته في نفسها الحمد لله أنني لست الوحيدة في هذا الكون من لها غيرة زائدة، فشكر الملك الببغاء على سرده الجميل لهذه القصة الحساسة و الجميلة التي أثلجت صدره و صدر زوجته وأنهى الحفل بعشاء فاخر دسم على شرف الجميع.

https://anbaaexpress.ma/ki9fo

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى