أفريقياسياسة
أخر الأخبار

تحقيق: الأزمة الليبية.. الليبيون في انتظار الحل

تُعد الأزمة الليبية واحدة من أكثر الأزمات السياسية تعقيدًا في المنطقة، إذ تدخل عامها الرابع عشر دون بوادر حقيقية للحل.

فبعد عقود من الحكم الملكي ثم الجمهوري، شهدت البلاد تحولًا جذريًا في عام 2011 عقب تدخل حلف شمال الأطلسي وسقوط النظام السابق، إلا أن هذا التغيير لم يؤسس لمرحلة استقرار، بل فتح الباب أمام انقسامات سياسية وصراعات مسلحة، وما زال الليبيون يدفعون ثمنها حتى اليوم.

رغم إجراء أول انتخابات ديمقراطية منذ أكثر من أربعين عامًا في يوليو 2012، بانتخاب المؤتمر الوطني العام، ثم انتخابات مجلس النواب في 2014، إلا أن البلاد لم تصل إلى بناء دولة مؤسسات قائمة على دستور متفق عليه وتداول سلمي للسلطة.

وبقيت العملية الانتخابية مجمدة، والمشهد السياسي غارقًا في الانقسام والغموض، في ظل غياب الثقة بين الأطراف الفاعلة.

تحليلات وتفسيرات للأزمة

يرى الدكتور فوزي أبوسنينة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صبراتة، أن الأزمة الليبية متعددة الأبعاد، ويجب تناول أسبابها بشكل منفصل وتحليل تفاعلها المشترك. ويركز في تحليله على:

غياب ثقافة الحوار وقبول الآخر، نتيجة تراكمات سياسية منذ الاستقلال.

البنية الاجتماعية القبلية والجهوية التي استُغلت لخدمة أهداف سياسية ضيقة.

اعتماد الاقتصاد الليبي على الريع النفطي، مما أدى إلى تغول الدولة على الثروة وفتح الباب أمام الفساد والمحسوبية.

بروز شخصيات ذات مصالح شخصية في المشهد السياسي، وتهميش الشباب والكفاءات الوطنية.

الانفلات الأمني وانتشار المليشيات المسلحة.

التدخلات الخارجية وتضارب أجندات القوى الإقليمية والدولية.

أما الحمري الشاوش، رئيس حزب نبض الوطن، فيقسم أسباب الأزمة إلى داخلية وخارجية، مشيرًا إلى أن الانقسام المحلي، وانتشار السلاح، وغياب مشروع وطني موحّد، بالإضافة إلى ضعف الوعي السياسي والإعلامي، كلها عوامل فاقمت الوضع.

أما خارجيًا، فالتأثيرات السلبية لتدخلات دولية ذات مصالح متضاربة زادت من تعقيد المشهد.

من جانبه، يرى الدكتور حامد الحضيري الزائدي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سبها، أن غياب العدالة الانتقالية وعدم إجراء مصالحة وطنية شاملة أديا إلى انعدام الثقة، مما فتح الباب لتدخلات خارجية زادت الأزمة تعقيدًا.

ويؤكد على ضرورة استعادة زمام المبادرة من الخارج إلى الداخل الليبي، عبر حوار تقوده النخب الوطنية، محذرًا من أن استمرار الوضع قد يقود إلى سيناريو التقسيم.

ويذهب المحلل السياسي وسام عبدالكبير إلى أن غياب الإرادة السياسية هو جوهر الأزمة، مشيرًا إلى أن القوى المتصدرة للمشهد ليست لديها رغبة حقيقية في إجراء انتخابات، بل تسعى للحفاظ على الوضع القائم، بدعم من أطراف إقليمية ودولية ترى في ذلك مصلحة لها.

ويعتبر عبدالكبير أن المؤسسات الحالية، وتحديدًا مجلسي النواب والدولة، تعطل إجراء الانتخابات، مؤكدًا أن الحل يكمن في حوار سياسي جاد يعيد تنظيم العملية السياسية، ويدفع نحو توحيد المؤسسة العسكرية وإعادة النظر في شكل الدولة.

في السياق ذاته، يرى الصحفي بشير المحتوت أن مجلسي النواب والدولة يتحملان مسؤولية مباشرة عن إطالة أمد المرحلة الانتقالية، مشيرًا إلى أن إجراء استفتاء على الدستور كان سيشكل مخرجًا مناسبًا.

ويؤكد أن الشعب الليبي، رغم الظروف، يظل متعطشًا للانتخابات، حتى وإن لم يكن جاهزًا بشكل كامل، لأن الجاهزية لا تعني الانتظار بقدر ما تعني الإرادة في التغيير.

الجيش.. ركيزة الاستقرار

الدكتور عبد الله بن صالح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سبها، يرى أن الجيش الوطني الليبي هو العنصر الأساسي لأي حل سياسي ناجح.

ويؤكد أن غياب التنسيق مع الجيش أو تجاوزه يعني فشلًا مؤكدًا لأي مبادرة، مشددًا على أن الدولة لا يمكن أن تستعيد مكانتها وقوتها دون مؤسسة عسكرية موحدة وقوية تمثل السيادة وتحمي المسار السياسي.

البعد الاقتصادي للأزمة

إلى جانب الانقسام السياسي، يواجه الاقتصاد الليبي أزمات خانقة، إذ يعاني من استنزاف احتياطيات العملة الصعبة، وانخفاض الإيرادات النفطية، التي تشكل المورد الرئيسي للدولة.

ومؤخرًا، تم خفض قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار بنسبة 13.3%، ما أدى إلى موجة قلق اقتصادي، وسط تحذيرات من تفاقم الفساد المالي والإداري، وزيادة الأعباء على المواطنين في ظل غياب سياسات اقتصادية واضحة.

خلاصة المشهد

تتفق معظم التحليلات على أن الأزمة الليبية مركبة، وتتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف الليبية، وتفشي الفساد، وانتشار السلاح، وغياب الإرادة السياسية الحقيقية، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية.

كما يشكل توحيد المؤسسة العسكرية، وبناء مشروع وطني جامع، وانطلاق عملية انتخابية شاملة، ركائز أساسية لأي حل دائم.

إلى جانب الانقسام السياسي، يواجه الاقتصاد الليبي أزمات خانقة، إذ يعاني من استنزاف احتياطيات العملة الصعبة، وانخفاض الإيرادات النفطية، التي تشكل المورد الرئيسي للدولة.

ومؤخرًا، تم خفض قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار بنسبة 13.3%، ما أدى إلى موجة قلق اقتصادي، وسط تحذيرات من تفاقم الفساد المالي والإداري، وزيادة الأعباء على المواطنين في ظل غياب سياسات اقتصادية واضحة.

https://anbaaexpress.ma/jxq7z

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى