تأتي ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة التي أبدعتها عبقرية الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه
لتنتصب في الذاكرة التاريخية الوطنية كحدث يؤكد للأجيال الجديدة والمتعاقبة ضرورة التأمل والتدبر في معانيها ودلالاتها العميقة
واستلهام قيمها وعبرها وعظاتها في تقوية وتدعيم الروح الوطنية وشمائل المواطنة الحقة
وذلك في أفق مواجهة التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل في تشييد مغرب قوي متماسك ديمقراطي وحداثي
قبل 49 سنة وبالتحديد في 16 أكتوبر من سنة 1975 أعلن الراحل الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء التي مازالت تحظى بمصداقية كبيرة في الوجدان المغربي
بحيث تمثل ذاكرة الأجداد الذين ذهبوا في مسيرات سلمية وحضارية ليساهموا في مسار استكمال الوحدة الترابية وتطهير الأقاليم الجنوبيّة من بقايا الاستعمار
وفي السادس من نونبر من سنة 1975 انطلقت جماهير المتطوعين من كل فئات وشرائح المجتمع المغربي ومن سائر ربوع الوطن
بنظام وانتظام في اتجاه واحد صوب الأقاليم الصحراوية لتحريرها من براثن الاحتلال الإسباني
بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري سلمي فريد من نوعه أظهر للعالم أجمع صمود المغاربة وإرادتهم الراسخة
في استرجاع حقهم المسلوب وعزمهم وإصرارهم على إنهاء الوجود الاستعماري بتماسكهم والتحامهم قمة وقاعدة
هكذا وأمام الحشود الغفيرة المسلحة بالمصحف الكريم والعلم الوطني
لم تمتلك سلطات الاحتلال الإسباني إلا الرضوخ لإرادة الملك والشعب في استكمال وحدة الوطن
وإعلان انتهاء الاحتلال بالأقاليم الجنوبية لتصبح بذلك حدثا تاريخيا شد أنظار العالم
وخلف أصداء كبيرة وعكس عزم وإرادة وإيمان المغاربة وتعبئتهم التامة والشاملة من أجل استرجاع الأراضي المستلبة
وما كان لملحمة الفتح الغراء التي جسدت عبقرية الملك الموحد
الذي استطاع بأسلوب حضاري سلمي فريد يصدر عن قوة الإيمان بالحق وبعدالة القضية الوطنية
واسترجاع الأقاليم الجنوبية إلا أن تتكلل بنصر المغاربة الذين رفعوا راية الوطن خفاقة في سماء العيون بتاريخ 28 فبراير 1976
إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية ليليها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979
وأرغمت المسيرة الخضراء إسبانيا على الدخول في مفاوضات مع المغرب
أسفرت عن اتفاق مدريد في 14 نونبر 1975 وبموجبه تخلت إسبانيا عن إدارة الصحراء
وأجلت قواتها عن الأقاليم التي استرجع المغرب سيادته عليها قبل أن تفتعل الجزائر نزاعا بالاعتماد على مرتزقة أرادوا إفساد ما لا يفسد
وقد نجح المغرب في تأكيد سيادته عليها وجعل من أقاليم صحرائه وشعبه المغربي بها نموذجا متطورا ومزدهرا يضرب به المثل في المحافل الدولية
ومنصة واعدة تسلب لب السياح والمستثمرين بعد استكمال مشروع التنمية المستدامة والتطوير المستمر لهذه الأقاليم
التي أتمت تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس
وكسب تأييد معظم الدول الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية