في تحول لافت في الخطاب الجزائري تجاه ملف الصحراء اعتبر الوزير الجزائري الأسبق والمفكر المعروف نور الدين بوكروح
أن قضية الصحراء المغربية دخلت “ربع الساعة الأخير” مؤكداً أن الكفة تميل بوضوح لصالح الرباط
بعد خمسين سنة من العمل المتواصل على المستويات العسكرية والدبلوماسية والسياسية
بوكروح في تدوينة مطوّلة نشرها على صفحته الرسمية بعنوان “الصحراء الغربية: الربع الساعة الأخير”
أوضح أن المغرب نجح في تحويل الشرعية الدولية من منطق الاستفتاء والانفصال إلى منطق الحكم الذاتي الواقعي
الذي طرحه منذ عام 2007 مؤكداً أن أغلب دول الأمم المتحدة باتت تدعمه اليوم باعتباره الحل الوحيد القابل للحياة
وأشار المفكر الجزائري إلى أن الرباط أحسنت توظيف سياسة العصا والجزرة
وتحركت بمرونة بين “الجرأة العسكرية والإصرار الدبلوماسي” ما مكنها من تجاوز الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 1975
والذي نفى حينها السيادة المغربية على الصحراء
ويرى بوكروح أن المرحلة الحالية لا تترك أمام جبهة البوليساريو سوى خيارين لا ثالث لهما
الحكم الذاتي أو التصنيف كمنظمة إرهابية بعد أن تمسكت لخمسين عاماً بسياسة “الكل أو لا شيء” دون خطة بديلة
ودعا القيادي الجزائري السابق قيادة الجبهة إلى فتح باب التفاوض مع المغرب
“للحصول على أكثر وأفضل مما هو مطروح اليوم” مشدداً على أن المبادرة المغربية منفتحة على الحوار
لكنها “ترفض بشكل قاطع إقامة دولة مستقلة”
وفي تحليله لمضمون مبادرة الحكم الذاتي أوضح بوكروح أنها لا تتعلق بلامركزية إدارية فحسب
بل تقدم تصوراً متكاملاً لمنطقة ذات حكم ذاتي حقيقي داخل دولة موحدة
يتمتع سكانها بحق إدارة شؤونهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية مستقلة
مع احتفاظ الدولة بصلاحياتها السيادية في الدفاع والدين والعلاقات الخارجية والدستور
كما أشار إلى أن الخطة المغربية تنص على استفتاء لاحق للسكان المعنيين في إطار ممارسة ديمقراطية لحق تقرير المصير
وتتيح عودة اللاجئين وإعادة إدماجهم اجتماعياً وسياسياً
مع إصدار عفو عام يشمل معظم عناصر الجبهة واستثناء المتورطين في جرائم جسيمة
وختم بوكروح تحليله بالتأكيد على أن المقاربة المغربية تمثل نموذجاً سياسياً ناضجاً يمكن أن يتطور مستقبلاً نحو شكل اتحادي متكامل
إذا نجحت التجربة ميدانياً مشيراً إلى أن نجاحها قد يفتح الباب أمام ولادة فكر وحدوي جديد في فضاء المغرب الكبير
ينقل المنطقة من منطق الصراع إلى منطق البناء والتكامل الإقليمي
تصريحات بوكروح وفق مراقبون تعبّر عن تحول نوعي في المزاج السياسي الجزائري المستنير
وتكشف إدراكاً متزايداً داخل النخبة الجزائرية بأن الملف يُحسم ميدانياً ودبلوماسياً لصالح المغرب
كما أن حديثه عن الحكم الذاتي كخيار وحيد يعكس بداية تراجع الخطاب الانفصالي
أمام دينامية مغربية واقعية عززتها الاعترافات الدولية والمكاسب الاقتصادية



