في تصعيد جديد للضغط الدولي على السلطات التونسية، دعت منظمات غير حكومية متوسطية، عبر رسالة رسمية موجهة إلى مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إلى فرض حزمة عقوبات على الرئيس التونسي قيس سعيّد وعدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، متهمين إياهم بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفق ما أكده محاموها الجمعة.
الرسالة، التي وجهت الأربعاء عبر المحاميين ويليام بوردون وفينسان برينغارت نيابة عن أربع منظمات حقوقية بارزة—منها لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس و”يوروميد رايتس” – تطالب بمنع دخول المسؤولين التونسيين إلى الاتحاد الأوروبي، وتجميد أرصدتهم، ووقف تزويد تونس بالمعدات العسكرية والخدمات المالية، بالإضافة إلى تعليق التمويل الأوروبي المرتبط بملف الهجرة والتعاون الأمني.
وبحسب نص الرسالة، فإن الأوضاع الحقوقية في تونس “تدهورت بشكل مقلق” منذ القرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيّد في 25 يوليو 2021، والتي أطاحت بمؤسسات الحكم السابقة وجمعت السلطات كافة بيده. ويصف معارضون تلك الإجراءات بـ”الانقلاب”، بينما يرى الرئيس أنها ضرورية لإنقاذ الدولة من الانهيار ومواجهة الفساد.
ويستند الطلب إلى وقائع تشمل محاكمات طالت نحو 400 شخص حتى يناير الماضي بموجب مرسوم مكافحة “الأخبار الكاذبة”، بالإضافة إلى سجن عدد كبير من المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والمهاجرين.
من أبرز هؤلاء زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، المحكوم بالسجن 22 عاماً، وعبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر.
وفي حين ردت الدبلوماسية الأوروبية على رسالة سابقة في يونيو 2024 بالتأكيد على “متابعة الوضع عن كثب”، فإن الرسالة الجديدة تطالب بموقف عملي، معتبرة أن “الصمت الأوروبي لم يعد مقبولاً”، بحسب ما ورد في بيان المحامين.
تعكس هذه الخطوة وفق مراقبين في الشأن التونسي تصاعد المخاوف الحقوقية الأوروبية من المسار السياسي الذي تسلكه تونس تحت حكم سعيّد، وسط مؤشرات على تراجع الحريات العامة وهيمنة السلطة التنفيذية على القضاء والإعلام.
كما تبرز الرسالة إشكالية التوازن بين التعاون الأمني في ملف الهجرة – الذي يُعد أولوية أوروبية – وبين الالتزام الأوروبي المُعلن بحماية الحقوق والحريات في دول الجوار.
الاتحاد الأوروبي، وإن بدا مترددًا في التصعيد تجاه تونس بسبب اعتبارات جيوسياسية، يجد نفسه الآن أمام اختبار أخلاقي ودبلوماسي صعب.. إما الاستمرار في شراكة براجماتية تغلّب الأمن على القيم، أو تبني موقف أكثر صرامة يعيد ملف الديمقراطية التونسية إلى الواجهة الدولية.
تعليق واحد