الشرق الأوسطثقافةعاجل
أخر الأخبار

أصداء الطوفان.. صرخة من غزة إلى ضمير العالم: كتاب يرصد المعاناة ويعيد للثقافة دورها في زمن الانكسار

الكتاب لا يُقرأ كأرشيفٍ للحرب، بل كحفرٍ في الذاكرة الجمعية، من خلال ثلاث مستويات مترابطة..

في زمن ينهار فيه المعنى تحت أنقاض الحروب، ويُختزل الإنسان في أرقامٍ على شاشات الأخبار، يأتي كتاب “أصداء الطوفان: صوت غزة في زمن الانكسار” للكاتب والصحفي المغربي عبد الحي كريط، مدير نشر موقع أنباء إكسبريس كعمل أدبي وفكري يتجاوز حدود التوثيق التقليدي، ليُعلن أن الكلمة ما تزال قادرة على حمل الصوت حين يغيب الصدى، وعلى مواجهة الصمت العربي والدولي بلغة مشبعة بالوعي والمقاومة.

صدر الكتاب حديثًا عن دار مؤسسة أفرا للدراسات والأبحاث، ويُعدّ بمثابة صرخة سردية مقاومة، لا توثق المأساة الفلسطينية فحسب، بل تضع الثقافة في موقعها الطبيعي: ساحة مواجهة، لا ملاذًا للهروب.

“أصداء الطوفان” لا يُقرأ كأرشيفٍ للحرب، بل كحفرٍ في الذاكرة الجمعية، من خلال ثلاث مستويات مترابطة:

– حوارات مع مثقفين من فلسطين والعالم العربي وإسبانيا،

– مقالات تحليلية نقدية،

– نصوص شعرية وإبداعية كُتبت من قلب الاحتراق الفلسطيني.

الكتاب يجمع شهادات وقراءات لمثقفين عايشوا المأساة أو تأملوها عن كثب، معتبرين أن ما يحدث في غزة لا يفضح فقط جرائم الاحتلال، بل يُعرّي خراب الضمير الإنساني في زمن الهيمنة والتواطؤ الإعلامي.

أما القسم التحليلي، فيُقدّم مقالات معمّقة تتناول السياقات السياسية ما بعد 7 أكتوبر، وتُشرّح الخذلان العربي، واستراتيجيات الإخضاع النفسي، والدور الملتبس للإعلام الغربي في إعادة إنتاج الرواية الرسمية للاحتلال.

وفي بُعده الإبداعي، يضم الكتاب نصوصًا وقصائد تمثل صرخات مكتوبة تحت الحصار، تعكس البعد الروحي للمقاومة، حيث تتحول الكلمات إلى شكل من أشكال التطهير الجماعي، وتعيد للإنسان الفلسطيني وجهه واسمه وصوته.

يكتب عبد الحي كريط في مقدمة العمل: “لا أكتب من موقع الراوي المحايد، بل من موضع الشاهد المنكسر..” المنحاز للحياة في وجه الموت، وللكلمة في وجه القصف، جاعلًا من الكتاب منصة للبوح الجماعي، ومن القارئ طرفًا أصيلاً في التوثيق لا مجرد متلقٍ.

بهذا العمل، يُؤكد الكاتب امتداد مشروعه في مساءلة الوعي العربي من الداخل، وهو المعروف بإسهاماته الرصينة في مجالات النقد الثقافي والحوار المتوسطي، ومن مؤلفاته السابقة:

“مدارات ثقافية: الشمس تشرق من المغرب”

“نوافذ حوارية في الأدب الإسباني”

“أصداء الطوفان” ليس مجرد كتاب، بل موقف فكري وأدبي حادّ، يضع القارئ أمام مسؤوليته الأخلاقية، ويعيد صياغة العلاقة بين الثقافة والمقاومة، حين تصبح الكلمة سلاحًا، والقراءة فعلاً من أفعال التذكير بأن غزة ليست بعيدة، وأن الجرح الفلسطيني يسكننا جميعًا.

من المرتقب أن يُعرض الكتاب في عدد من المعارض العربية والدولية خلال الموسم الثقافي القادم، ليأخذ مكانه وسط مشهد ثقافي متجدد يُعيد تموضع القضية الفلسطينية في قلب الوجدان العربي، لا في هامش الأحداث.

https://anbaaexpress.ma/ftwca

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي و الإفريقي، مدير عام أنباء إكسبريس

‫2 تعليقات

  1. أكيد سيكون كتاب هام في ذاكرة المكتبة العربية واضافة نوعية يعبر عن المرحلة الراهنة ومثل هذه الكتب ستكون تأريخ وتوثيق للذاكرة للأجيال القادمة
    دام الالق لكم سيدي عبدالحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى