حديث الساعة.. بالأمس الأحد، في بيروت شارك عشرات الآلاف من داخل لبنان وخارجه، في تشييع الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله الذي تم اغتياله في غارة إسرائيلية، بالإضافة إلى تشييع هاشم صفي الدين الذي أعلنه حزب الله خلفاً له قبل مقتله أيضاً، من طرف إسرائيل.
وإحتشدت الوفود الكبيرة والجماهير الشعبية، في مدينة “كميل شمعون” الرياضية بالضاحية الجنوبية، نحو مكان الدفن، بحضور رسمي لبناني وخارجي، لتشييع حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين، وذلك بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على مقتلهما.
وللإشارة، حضرت الوفود الحاشدة من عدة دول، مكان التشييع وسط هتافات مؤيدة للحزب ولنصر الله، وتم إطلاق مقاطع مسجلة لحسن نصر الله.
وعلقت صور عملاقة لنصر الله وصفي الدين على الجدران الخارجية للمدينة الرياضية وفي الطرقات المؤدية لمكان التشييع.
لكن الملفت هذه المرة وما يثير الاستغراب، عدم رفع الاعلام الإيرانية وشعارات مؤيدة لها ولا توجد أي صور لزعماء إيران مثل السابق في كل مناسبة.
بداية نهاية النفوذ الإيراني
مما يفسر بأن هناك تراجع كبير في السيطرة الإيرانية في لبنان، وممكن اعتبارها انطلاق مرحلة جديدة في لبنان بعد تشييع الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، بالإضافة إلى بداية نهاية النفوذ الإيراني في المنطقة.
ليس الأمر عادي، بعدم رفع صور علي خامنئي وقادة الثورة الإيرانية، في مثل هكذا مناسبات، إن الأمر فعلا جلل وكبير.
الحشود الكبيرة التي قدرت بعشرات الآلاف التي حجت لتشييع حسن نصر الله من كل الدول، هي تؤمن بشخصية الرجل وقوته التواصلية والتأثيرية وبأنه شخصية كريزمية لا يختلف عليها أحد لهذا وجب الحضور والتشييع، وفي نفس الوقت هي تبعث رسائل مشفرة لإيران وخصوصا لقيادتها بأنها غاضبة، وغير راضية بسبب ردها على إسرائيل.
اغتيال حسن نصر الله، كان مرحلة فاصلة في علاقة المقاومة مع إيران الداعمة للمحور، من جهة ومع أتباع حزب الله، من جهة.
وخصوصاً عندما إنفجرت آلاف الأجهزة اللاسلكية “البيجر” في يد من عناصر حزب الله، وكذلك المدنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب ومناطق متفرقة من لبنان.
حيث كشفت مصادر أمنية لبنانية وقتها بأن إسرائيل اخترقت نظام أجهزة الاتصالات الفردية التي يحملها هؤلاء العناصر وفجرتها بشكل متزامن.
لقد شكل إغتيال حسن نصر ضربة قاسمة للهيكل التنظيمي للحزب خاصة وانها جاءت بعد ضربات جوية إسرائيلية عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت والذي يعتبر معقل الحزب وقبلها عملية تفجير أجهزة الاتصالات “البيجر”، وهذا كله لم يكن رد إيران تجاه إسرائيل يشفي الغليل.
والأكثر من هذا، هناك الكثير من التحليلات السياسية، من طرف العديد من المحللين السياسيين والإعلاميين، التي أشارت بعد مقتل حسن نصر الله، بأن إيران باعته كما باعت قبله قاسم سليماني، وهنية، ورئيسي وغيره من القيادات السياسية والعسكرية..
مما دفع العديد من عناصر الحزب معاتبة مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، خلال محادثات بشأن عدم تدخل طهران لدعم حليفها اللبناني، لكن هذا العتب لم يتوقف وفق مصادر موثوقة، بل تحول اليوم إلى اتهامات مباشرة بعد اغتيال حسن نصرالله.
كما عرفت وسائل التواصل الاجتماعي، ردود أفعال وحالة قوية من الغضب والسخط، حيث اتهمت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إيران بالتخلي عن حليفها الأهم والأبرز عبر تزويد إسرائيل بمكان تواجده في الضاحية الجنوبية لبيروت.
إيران تبذل جهوداً لإعادة حزب الله
هكذا صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الثلاثاء الماضي قائلاً: إن “إيران ما زالت تبذل جهوداً لإعادة تمويل حزب الله”.
إسرائيل تتهم إيران ببذل جهود مهولة لإعادة حزب الله اللبناني، ودعمه ماديا، حيث أكدت خلال الفترة الماضية، بأنها لن تسمح لإيران باستغلال أي فرصة لإعادة بناء حزب الله في لبنان.
إيران فقدت السيطرة على المؤيدين والموالين لحزب الله، في المنطقة بعد الانتكاسات المتتالية، بالإضافة فقدت شعبيتها لهذا تحاول الرجوع من جديد، بالاعتماد على عدة أطراف دولية.
كما أن السلطات اللبنانية، تقوم بتشديد الرقابة على الطائرات الإيرانية ومنع بعضها من الهبوط بمطار رفيق الحريري، بسبب إدخال أموال إيرانية لحزب الله.
وقد كشفت مصادر لبنانية عن تورط دبلوماسيين جزائريين وعراقيين في عملية نقل أموال إيرانية إلى “حزب الله” في لبنان، وتجاوزت قيمتها أكثر من 10 ملايين أورو ودولار، وقد تم توقيف اثنين منهم يحملون حقيبة مالية، قيمتها 2 ملايين دولار، وجدير بالذكر كانت أنباء إكسبريس أول موقع يسلط الضوء على هذا الموضوع وطنيا ودوليا.
وللإشارة، تعتمد إيران في هذا الوقت على النظام العسكري الجزائري بسبب علاقته الوطيدة مع حزب الله، من أجل إعادة بناء قواعد جديدة لمحور المقاومة في المنطقة.
بالإضافة، الجزائر تحرص بشكل مستمر على تمهيد الطريق ومد جسور التعاون لإيران، وفتح بوابتها الشمالية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، من أجل أن تستغلها إيران المحملة بأطماعها وكذلك التغلغل في المنطقة المتوسطية خصوصاً وفي القارة الأفريقية عمومًا.
كما أن الجزائر سبق أن فتحت الباب لعناصر حزب الله من التمركز في الجزائر، وتحديدا في تندوف، لتنسيق والتعاون المسلح مع مليشيا البوليساريو الإرهابية التي تشكل خطر في المنطقة المغاربية، بهدف زعزعة استقرارها.