احتضنت العاصمة الرباط أشغال المنتدى الأورو–متوسطي الثاني حول المناخ، المنظم يومي 14 و15 من الشهر الجاري، بمشاركة واسعة لفاعلين في المجتمع المدني المغاربي والعربي والدولي، إضافة إلى نخبة من الخبراء والباحثين والإعلاميين والحقوقيين.
وقد شكّل هذا الحدث محطة بارزة لإعادة التفكير في العدالة المناخية والانتقال العادل والحكامة المناخية انطلاقًا من الأولويات الترابية واحتياجات المواطنين.
وأجمع المشاركون على أن المنتدى يحمل موقفًا سياسيًا واضحًا يتمثل في ضرورة إعادة توطين النقاش المناخي بالقرب من الجماعات الترابية والمواطنين، والتنديد بـ تسليع المناخ وغياب تنفيذ الوعود المالية الدولية، إلى جانب الدفاع عن حكامة قائمة على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والتضامن بين الشمال والجنوب.
وفي هذا السياق، شكّلت ورشة “الإعلام والتضليل المناخي: من أجل تواصل مسؤول ومواطن مشارك” إحدى أبرز محطات المنتدى، بحضور إعلاميين وخبراء وصحافيين.
وقد برز ضمن المتدخلين الأستاذ عثمان بنطالب، مدير وكالة أنباء إكسبريس وناشط حقوقي دولي، الذي قدّم مداخلة وُصفت بالمفصلية تحت عنوان: “من الحق في المعلومة إلى الحق في الحياة: الإعلام كقوة ترافعية لحماية العدالة المناخية وفق المواثيق الأممية”.
أكد بنطالب في مداخلته أن الإعلام لم يعد مجرد وسيط ناقل للخبر، بل تحول إلى خطّ الدفاع الأول ضد التضليل المناخي، وإلى فاعل أساسي في حماية الحق في الحياة، من خلال تعزيز الولوج إلى المعلومة ونقل قصص الفئات المتضررة والترافع من أجل سياسات بيئية عادلة.
وشدد على أن المعركة اليوم ليست فقط ضد تغير المناخ، بل ضد تزييف الوعي الذي يعطل الفعل الجماعي ويشوّه النقاش العمومي.
كما قدّم الإعلامي رشيد البلغيتي قراءة مهنية حول حدود التحقيق الصحفي في الملفات البيئية والمناخية، فيما تناولت الصحفية فاطمة ياسين وضعية المعلومة البيئية في وسائل الإعلام الموجهة للجمهور الواسع.
وبدورها تطرقت السيدة فدوى الزيدي، المتخصصة في الإعلام البيئي، إلى ضرورة إحداث جيل جديد من وسائل الإعلام البيئية بمضامين مبتكرة واستراتيجيات أكثر تأثيرًا.
أما السيد علي أزناك ممثل شبكة سيادة، فقد ركز على أهمية إنتاج المعلومة البيئية البديلة والانتقال من الفضاءات النضالية إلى الفضاءات الإعلامية المؤثرة، في حين تناول الإعلامي غسان وائل الكرموني عن منتدى بدائل المغرب الدور الجوهري للإعلام في تكريس العدالة المناخية كحق إنساني شامل.
وجدير بالذكر، عرف المنتدى حضورًا لافتًا للشباب من مختلف البلدان الأوروبية والمتوسطية والمغاربية، الذين شكّلوا قيمة مضافة في النقاشات واقتراح الحلول.
وقد اختُتمت أشغاله برفع عدد كبير من التوصيات التي شددت على ضرورة تعزيز دور الإعلام في مواجهة التضليل، ودعم البحث العلمي البيئي، وتقوية المشاركة المواطِنة في السياسات المناخية.
كما أكد المشاركون التزامهم الكامل بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية باريس للمناخ وإعلان ريو دي جانيرو، باعتبارهما مرجعيتين أساسيتين لتحقيق انتقال عادل ومنصف وضمان حكامة مناخية قائمة على حقوق الإنسان.
وبذلك، رسّخ المنتدى موقع الرباط كفضاء إقليمي مفتوح للنقاش البيئي المسؤول، ولتطوير رؤية مشتركة قادرة على مواجهة تحديات المناخ بمنهج تشاركي، عادل، وشجاع.





