د. كمال طيب الاسماء
نعم، إن لتدمير الدول هندسة وخطط استراتيجية، توكل إلى سماسرة الحروب، ووسطائها، ومتعهديها. وفي أغلب النسخ، نسخ التدمير، لا تكون الهندسة واضحة إلا بعد أن يتمكن سرطان المكيدة من جسد الدولة الضحية.
هناك صورة تكررت وتشابهت في كثير من دول العالم سيئة الحظ في القيادة، وآلت إلى نفس النتائج، حتى أن المطلع على هذه الصور؛ صور الفشل والانزلاق الذي قصم وقضم ظهر هذه الشعوب، يظن أنها كلها سلكت نفس السياسات طالما أنها وصلت أو آلت إلى نفس المصير، ولكنها هندسة التدمير التي تتبناها وتتولاها دول تخطط إلى أن ينتهي الأمر إلى خروج الشعب إلى الشارع بحثًا عن التخلص من القيادة.
وقد وجدت إحصائيات أن هناك 34 حالة من الفشل السياسي والدمار، تكررت بنفس ملامحها في 34 دولة.
فالناظر يجد البيئة ملغومة ومسمومة، ومعنويات الشباب، ومعنويات كل القوى العاملة والتي يفترض أن تكون قوى منتجة، يجدها محبطة.
تجد السلطة متعبة، أرهقها الإفلاس والخواء، وليس أمامها سوى الرقابة الأمنية التي تضمن لها الحد الأدنى من ضبط الجو العام وعدم الانفلات.
تقدم وعودًا بين هلامية وكاذبة، القضاء مصاب بالشلل، لأنه غير قادر على إنفاذ الدستور، فالسلطة في يد الحاكم حتى أن بإمكانه أن يكسر أي قاعدة في الدستور.
الإعلام لا يجرؤ على شيء، فهو مجبر على مداراة الحقيقة أو فليصمت، وعكس ذلك يعرضه للمساءلة والتوبيخ والاعتقال.
تجد أن الآفاق لتجاوز المرحلة الصعبة مسدودة تمامًا، ونتج عن ذلك ضوائق معيشية متزايدة، وعندما يعجز المواطن عن الحصول على لقمة العيش، يخرج إلى الشارع وتحدث الفوضى، وتظهر الثغرات، وتنفتح الأبواب أمام من يبحثون عن فرصة التدخل في هذه الدولة أو تلك، فيسهل لهم الانحشار، وانتهاز فوضى الشارع، متغلغلين في نسيج الدولة بتحقيق مآربهم الخبيثة، مشترين ذمة الرخيص من المواطنين وعديمي الضمائر والوطنية، وهي الأجواء والبيئات المثلى لسرقة هذا الوطن واختراقه.
ومن كل فج عميق يأتي حاملو المعاول الهدامة، فإما أن تطاوع دول الشر التي تخطط للاصطياد في الماء العكر والتي تتربص بك، وإما أن ترفض وتقاوم التدخل، وتدخل في صراع وعراك تخوضه معك دولة الشر مدفوع التكاليف، وليس سوى قنبلة كانت موقوتة.
هل تعلم أن هذا السيناريو تم تنفيذه في 34 دولة من دول العالم، وما حرب السودان إلا نسخة منها.
ومن هذا المنبر وهذه المنصة، وبدافع المحبة والأخوة ووحدة الصف والمصير، أسوق مقالي هذا إلى إخواننا الشعب المغربي، لكي لا يتم اختطاف الوعي الشعبي الجمعي، ويتحول الخروج إلى الشارع بحثًا عن تحسين الوضع الاقتصادي إلى منزلق تكون نتائجه وخيمة لا قدر الله.
ونحن واثقون من أن الشعب المغربي بوعيه وثقافته قادر على تجاوز هذه المرحلة بحول الله وإرادته، ونتمنى أن يخدم أبناء المغرب قضيتهم الوطنية بذكاء، وألا يسمحوا لدول الشر بالانحشار، فتفسد ما كان يتطلع إليه أبناء المغرب.
* شاعر وإعلامي سوداني مقيم في كندا





اوافقك الرأس ولكن لابد من ذكر اهمية دور العلماء لتذويب الاحتقان بين الطرفين الحاكم والرعية وذلك اعتصاما واتباعا لم امر به رسول الله صلي الله عليه واله وصحبه وسلم تسليما كثيراً