
كما يقال المناسبة شرط، في سياق سياسي يتسم بإعادة ترتيب التوازنات داخل المشهد الوطني، عقد حزب العدالة والتنمية فعاليات مؤتمره الوطني التاسع بمدينة بوزنيقة، وذلك يومي السبت والأحد 26 و27 أبريل الجاري، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والمدنية من داخل المغرب وخارجه.
المؤتمر يأتي في لحظة مفصلية يسعى من خلالها الحزب إلى إعادة تموضعه السياسي واستعادة زخمه المفقود بعد التراجع الحاد الذي عرفه خلال السنوات الأخيرة.
في لحظة تصعيدية، خلال كلمته الافتتاحية، كشف الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، عن امتناع وزارة الداخلية عن صرف الدعم المالي المخصص للحزب والمقدر بـ130 مليون سنتيم، ما اضطر مناضليه إلى التبرع لتمويل أشغال المؤتمر.
هذه التصريحات أعادت إلى الواجهة تساؤلات حارقة حول طبيعة العلاقة الراهنة بين الحزب ومؤسسات الدولة، وحول مدى قدرة العدالة والتنمية على تجاوز حالة الانكماش السياسي التي يعيشها منذ الانتخابات الأخيرة.
في هذا السياق، تطرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية نفسها بإلحاح:
هل يتجه العدالة والتنمية نحو صدام مفتوح مع وزارة الداخلية؟ أم أن الأمر مجرد تصعيد محسوب يروم لفت الانتباه إلى ما يعتبره الحزب تضييقاً سياسياً عليه؟ وهل ستنجح هذه الاستراتيجية في إعادة تسليط الأضواء عليه بعد فترة من الغياب والتراجع؟
في اعتقادي بأن عبد الإله بنكيران، سيستمر في توجيه انتقادات علنية، وإبراز ما يعتبره “استهدافاً سياسياً”، لكنه على الأرجح سيحرص على عدم كسر الخطوط الحمراء مع وزارة الداخلية بشكل مباشر، خصوصاً في ظل السياق السياسي الحالي حيث الحزب يحاول إعادة بناء موقعه بعد تراجع نتائجه الانتخابية.
ومن الواضح أن الحزب يراهن بقوة على هذا المؤتمر، بل يكاد يقامر به، سعياً إلى قلب المعادلة السياسية لصالحه، عبر تقديم نفسه مجدداً كطرف مضطهد يسعى للإصلاح في مواجهة “تحكم” مفترض.
غير أن الرهان محفوف بالمخاطر، في ظل تغير السياقات الوطنية والدولية، وفي ظل حاجة الدولة إلى مشهد سياسي أكثر استقراراً وأقل توتراً.
وللإشارة، هل سيشكل مؤتمر بوزنيقة بداية جديدة للعدالة والتنمية، أم سيكون محطة أخرى تكرّس مسار التراجع والانكفاء؟
أسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات، تتطلب متابعة دقيقة لما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات.
سياق انعقاد المؤتمر:
جدير بالذكر، يأتي انعقاد المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية في ظرفية دقيقة من مساره السياسي، بعد انتكاسة انتخابية غير مسبوقة شهدها في استحقاقات 2021، وما تبعها من حالة ارتباك داخلي وتراجع في حضوره داخل المشهد السياسي الوطني.
يراهن الحزب من خلال مؤتمره المنعقد ببوزنيقة على إعادة ترتيب بيته الداخلي، تجديد هياكله القيادية، وإطلاق دينامية جديدة تمكنه من استعادة موقعه بين الفاعلين السياسيين.
كما يسعى إلى بعث رسائل سياسية إلى الداخل والخارج مفادها أن العدالة والتنمية ما يزال رقماً صعباً في المعادلة السياسية رغم التحديات.
ختاما، من الضروري الإشارة، بأن مؤتمر بوزنيقة يشكّل محاولة جديدة من حزب العدالة والتنمية لاستعادة حضوره السياسي وسط تحديات داخلية وضغوط خارجية كبرى.
غير أن نجاح هذا الرهان سيظل رهيناً بمدى تجاوبه مع المتغيرات الوطنية، وقدرته على تجديد خطابه وتوسيع قاعدته التنظيمية التي انهارت سابقا، في مرحلة دقيقة ستحدد ملامح مستقبله السياسي.
2 تعليقات