آراءسياسة
أخر الأخبار

ترامب يُحاصر إسرائيل.. فتّش عن الرّياض “تحليل”

لم يكن هجوم سموتريتش على الرياض إلا وليد قناعة إسرائيلية، ليس نتنياهو بعيدا عنها، بأن كل الضغوط الأميركية المكثفة والاستثنائية سببها موقف سعودي قاد دول المنطقة ثم العالم إلى إطلاق تيار عالمي أنصت إليه ترامب..

يعوّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نجاح خطته لوقف الحرب في غزّة سبيلا لإنهاء الصراع المنطقة وفق ما يطمح.

أجبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على قبولها، ويصبّ باتجاهه ضغوطا متدافعة لا تتوقف لمنعه من إجهاضها والتستر وراء أي ذريعة لتأجيل وقف الحرب.

ولئن قد تشكّ المنطقة بجدية هذه الضغوط بالنظر إلى تجارب سابقة انقلبت إدارات واشنطن على نفسها لصالح إسرائيل، إلا أن نتنياهو نفسه غير قادر، كما يبدو، على على امتلاك هامش لطالما امتلكه منذ بداية الحرب قبل عامين.

5 شخصيات أميركية رفيعة المستوى تتناوب وتتقاطع على زيارة إسرائيل على نحو غير مسبوق، لممارسة تمارين متشابهة تهدف إلى “إفهام” الحكومة الإسرائيلية أن واشنطن جادة، وأن الحرب يجب ان تنتهي في غزّة.

وتكاد “دبلوماسية التكرار” في ما يردده الزائرون الأميركيون تؤتي ثمارها تحت سيف ترامب المصلت الذي يتوعّد بوقف التعاون مع إسرائيل في حال لم تجرِ الرياح كما تشتهي سفنه.

جاء الثنائي ستيف ويتكوف-جاريد كوشنر يحمل إلى إسرائيل وصايا ترامب وتهديداته. الأول بصفته مبعوثه وصديقه الذي بات عراب الملف وتفاصيله، والثاني بصفته صهر الرئيس، أي من قلب العائلة، وكان له باع كبير، حين كان مستشار ترامب في الولاية الأولى، في تدبير خطط ليست بعيدة عما صاغه ترامب ذات في 20 بندا.

لكن ترامب أرسل وزير الخارجية ماركو روبيو وما يمثله داخل المؤسسة الأميركية وذراع سياسة البلاد الخارجية. وذهب إلى أرسال “ظله” الدستوري، نائبه جيه دي فانس، الذي ردّد بدقّة توجيهات الرئيس ووصاياه.

أما الشخصية الخامسة فهو الأدميرال براد كوبر قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي، المشرف على تنسيق تنفيذ الخطة، لا سيما مرحلتها الأولى، وتوجيه القوة الاميركية المكلفة ميدانيا بالإشراف على تفاصيل التنفيذ.

اضطرت الحكومة الإسرائيلية أن تنأى بنفسها عن تصويت الكنيست المتعلّق بضمّ الضفة الغربية. ادعى وزير الخارجية جدعون ساعر أن الأمر “مسرحية سياسية” ولعبة داخلية من إعداد المعارضة.

اضطر مكتب نتنياهو إلى ادانة التصويت واعتباره “استفزازا”، على الرغم، وعلى خلاف ما ادعاه ساعر، من أن المشروع الذي تم التصويت عليه في الكنيست مقدم من الائتلاف الحكومي وليس من المعارضة.

والظاهر أن إسرائيل فقدت لغة ضبابية كان يعامل بها ترامب الضفة الغربية في تلميحه سابقا إلى الاستعانة بها لتوسيع مساحة ما اكتشفه أثناء حملته الانتخابية من أن إسرائيل “بلد صغير”.

وصف جيه دي فانس تصويت الكنيست بأنه “مناورة غبية”. ردّد ما كان صدر عن الرئيس الأميركي من أن الولايات المتحدة لن تقبل بضمّ الضفة الغربية إلى اسرائيل، بما يعني ان تلك الأراضي لن يصيبها ما أصاب القدس والجولان من اعتراف بها ضمن السيادة الإسرائيلية من قبل ترامب نفسه في ولايته الأولى.

والواضح، كما أقرّ ترامب، أن الأمر عائد إلى خضوعه لضغوط بدا أنها حازمة من قبل الدول العربية والإسلامية، مؤكدا أنه قال أعطى وعدا لها يتعهد به.

الضغوط هائلة من قبل ذلك الأنزال الدبلوماسي الأميركي الذي هبط على إسرائيل مدعّما بمواقف للرئيس الأميركي لا تتوقف. قال لصحيفة التايم متحدثا عن نتنياهو “كان عليه القبول بالخطة فلا يمكنه الوقوف وحيدا بوجه العالم”.

حتى سموئيل سموتريش، الذي يُعرف بأنه الوزير المتطرّف، أظهر زيف ذلك التعريف وأنه بيدق يحركه نتنياهو وفق أجندته. اضطر للاعتذار من السعودية على تصريح ضد المملكة بسبب اشتراطها اقامة دولة فلسطينية قبل أي تطبيع مع إسرائيل. فيما تناوبت شخصيات إسرائيلية على الإعلان أن هذا الرجل لا يمثل اسرائيل.

لم يكن هجوم سموتريتش على الرياض إلا وليد قناعة إسرائيلية، ليس نتنياهو بعيدا عنها، بأن كل الضغوط الأميركية المكثفة والاستثنائية سببها موقف سعودي قاد دول المنطقة ثم العالم إلى إطلاق تيار عالمي أنصت إليه ترامب يؤكد ما بدا انه بان لسان حال العواصم، بما فيها واشنطن، بأن الحرب يجب أن تتوقف في غزّة، وأن لا حلّ إلا بالذهاب إلى انهاء الصراع.

حتى أن خطة ترامب لم تر النور إلا بعد ساعات من اجتماعه في 27 أيلول الماضي في نيويورك مع 8 دول عربية وإسلامية ناقشت الخطة ومنحت ترامب رعايتها وفق شروط تعهد ترامب بتنفيذها.

خطة ترامب تتقدم. وتعمل ورش بشكل مكثّف للدفع بها. تبدو كافة العواصم المنخرطة بالملف مهتمة بتنفيذ أدوارها في هذا الملف. في أروقة الأمم المتحدة تعمل فرنسا وبريطانيا على إعداد مشروع للتصويت عليه في مجلس الأمن لمنح “قوة الاستقرار الدولية” شرعية أممية.

فيما تؤكد معلومات نيويورك أن الولايات المتحدة تدفع باريس ولندن لكتابة نصّ يحظى بإجماع لا يجهضه فيتو مفاجئ، على الرغم من أن مشاركة دول عربية وإسلامية في تلك القوة والموقف الإيجابي لدول المنطقة من الخطة تقي مشروع القرار شرور فيتو من قبل الصين أو روسيا.

يعوّل ترامب على هذا الإنجاز الذي يريده ان يسجل في تاريخه كأول رئيس أميركي ينجح في حلّ أكثر قضايا العالم تعقيدا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

يجنّد لتحقيق ذلك أفكارا من خارج الصندوق، بما فيها ردّه على سؤال بشأن الإفراج عن القيادي الفلسطيني مروان برغوثي. لم يستغرب السؤال ولم يفاجئه الأسم قال “سأتخذ قرارا قريبا”.

https://anbaaexpress.ma/ej5n3

محمد قواص

صحافي وكاتب سياسي لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى