سياسة
أخر الأخبار

العداء كصناعة: لماذا يخاف النظام الجزائري من نجاح المغرب؟

أميرة عيد العزيز

يعيش جزء من الخطاب الجزائري الرسمي والإعلامي حالة صراع نفسي وهويّاتي ناتجة عن عقدة التفوق/الدونية (Inferiority-Complex) ورغبة مرضية في إثبات الذات عبر العداء بدل الإنجاز الواقعي.

ونظرًا لأن القدرات الفعلية محدودة على مستوى الاقتصاد والدبلوماسية والعلوم والثقافة والإنجاز الحضاري، فقد تحوّل هذا الصراع الداخلي إلى ميكانيزم تعويض نفسي يقوم على إنكار نجاح المغرب ومحاولة تشويه صورته.

العداء الجزائري المستمر تجاه المغرب ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل هو هوس مرضي متأصل في عقلية النظام والإعلام، خوف من أن يثبت المغرب يومًا بعد يوم أنه قادر على الإنجاز الفعلي، بينما الجزائر تغرق في خطاب عدائي فارغ، يعتمد على الدعاية والتهويل بدل النتائج الواقعية.

المغرب يواصل مشاريع ضخمة للطاقة الشمسية والنووية، ويشيّد طرقًا سريعة وموانئ حديثة، ويطوّر السكك الحديدية، في حين يظل الاقتصاد الجزائري رهين النفط والغاز، وتغرق مشاريع التنمية فيه في التأجيل والفشل.

كل نجاح مغربي يتحول إلى كابوس نفسي جماعي يثير عقدة النقص ويشعل كراهية عميقة، ما يجعل الإعلام الجزائري ملعبًا لتفريغ عقدة الدونية الجماعية بدل تقديم رؤية تنموية واضحة.

إن الجزائر لم تتوقف يومًا عن خلق أعداء وهميين بدل تطوير قدراتها الداخلية.

دعم البوليساريو كأداة ضغط دائم، وتصعيد خطاب العداء ضد المغرب في كل مناسبة، وإساءة تفسير كل خطوة تنموية مغربية، كلها أدوات تعكس محاولة يائسة لإخفاء عجز الدولة وفشلها المزمن على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

الإعلام الجزائري، بدلاً من أن يكون مرآة للواقع الداخلي، أصبح ماكينة ضخمة لتغذية عقدة النقص الجماعية، حيث يتم تصوير كل نجاح مغربي على أنه تهديد وجودي، ويُهمل كل خبر داخلي مهم لصالح حملات تحريضية لا طائل منها، مما يحوّل الدولة إلى مسرح هزلي يعكس هشاشة خطاباتها.

على الجانب الآخر، يواصل المغرب بناء دولة قوية وفعّالة على جميع الأصعدة. مشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطات الطاقة الشمسية الكبرى، تثبت القدرة على الاستثمار طويل الأمد، بينما الجزائر لا تزال تراهن على اقتصاد تقليدي يعتمد على سلعة واحدة.

ميناء طنجة المتوسط والطريق السيار والبنية التحتية الحديثة تعكس التفوق العملي للمغرب في مجال التنمية، فيما تبقى الجزائر عالقة في مشاريع متعثرة وبطء مزمن في الإنجاز، وكأن كل يوم يمر هو تأكيد على فشل استراتيجيتها الوطنية.

إذاً، الخوف من نجاح المغرب هو خوف السلطة الجزائرية من مقارنة الجزائريين بين النجاح المغربي على كل الأصعدة والفشل الحكومي الجزائري على كل الأصعدة، والذي بدوره يزيد الإحباط، يتبعه اليأس، ومن ثمة انفجار الغضب الشعبي وخروج الوضع عن السيطرة واستيقاظ المارد الجزائري من نومتة الإجباريّة. إذاً هو خوف سياسي سلطوي أكثر منه أي إيجابية من النجاح.

هذه الفجوة بين الواقع المغربي وإنجازاته، والخيال الجزائري المليء بالعداء والتشويه، يوضح أن الخطاب العدائي ليس فقط سياسيًا بل عقدة نفسية جماعية متجذرة.

النظام الجزائري لا يملك مشروعًا واقعيًا يفرضه داخليًا أو إقليميًا، لذا يلجأ إلى صناعة أعداء وهميين لتغطية فشل الحكومة في مواجهة تحديات التنمية والاستقرار الداخلي.

بينما المغرب يثبت على الأرض أن الإنجاز والقدرة على التطوير هي المعايير الحقيقية للهيمنة والاحترام الإقليمي، يظل النظام الجزائري يعيش في وهمه، محاولًا تحويل الفشل إلى خصم وهمي.

إضافة إلى ذلك، يفضح العداء الجزائري المعتمد على الإعلام ووسائل الدعاية مدى هشاشة الثقافة السياسية لدى النخبة الجزائرية.

كل مرة يحقق المغرب تقدماً ملموساً في الاقتصاد أو البنية التحتية أو السياسة الخارجية، تجد الجزائر نفسها مضطرة لتصعيد خطاب الكراهية، أو إعادة إنتاج سرديات قديمة عن المغرب، وكأن النظام يحاول أن يوقف عقارب الساعة ويجعل الواقع يلتزم بخيال عقدته النفسية، وهو ما يزيد من السخرية التي يعيشها الشعب الجزائري يوميًا أمام الإنجازات المغربية الملموسة.

على الصعيد الجيوسياسي، يعتمد النظام الجزائري على تحريك البوليساريو كأداة ضغط دائم، ويستمر في خلق أزمات دبلوماسية متكررة لتعويض غياب الإنجاز الحقيقي داخليًا وخارجيًا.

بالمقابل، المغرب يحقق تقدمًا ثابتًا في بناء تحالفات دبلوماسية استراتيجية مع الدول الإفريقية والأوروبية، ويثبت قدرته على التنمية المستدامة والقيادة الإقليمية، وهو ما يجعل كل محاولات التشويه الجزائرية أشبه بمحاولة إطفاء الشمس باليد.

وفي هذا السياق، تصبح الكراهية المفتعلة ضد المغرب استراتيجية سياسية بلا جدوى، تكشف عن عقدة نقص مزمنة لدى النظام، وتحويل الإعلام إلى ساحة للصراع النفسي بدل كونه أداة للتطوير أو النقد الموضوعي. كل يوم يثبت المغرب أنه أقوى من الكلمات الفارغة، وأن الإنجاز هو الحكم الحقيقي على الدولة، وليس خطاب العداء أو الدعاية الإعلامية.

وفي النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الجزائر يومًا من إعادة اكتشاف نفسها بعيدًا عن هوس العداء للمغرب، والعمل على بناء مشروع تنموي حقيقي، أم ستستمر في الاستسلام لعقدتها واعتبار الإنجاز المغربي تهديدًا وجوديًا؟

https://anbaaexpress.ma/dxy69

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى