شنت المقاتلات الإسرائيلية، صباح اليوم الخميس، سلسلة غارات عنيفة استهدفت مناطق في جبال لبنان الشرقية والغربية ضمن نطاق البقاع وجرود الهرمل شمالي البلاد، في تطور نوعي ينقل الصراع من الحدود الجنوبية إلى العمق اللبناني.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الغارات أصابت معسكرًا وموقعًا لإنتاج الصواريخ تابعين لحزب الله، في إطار مساعيه لمنع الحزب من إعادة بناء بنيته العسكرية التي تضررت خلال المواجهات الأخيرة.
وبحسب بيان الجيش، فإن المواقع المستهدفة كانت تُستخدم لتدريب مقاتلي الحزب والإشراف على عمليات ضد إسرائيل، فيما نقلت وكالة الأنباء اللبنانية أن الطيران الإسرائيلي نفذ هجماته على ارتفاعات منخفضة فوق سهل البقاع، مثيرًا حالة من الهلع بين السكان المحليين.
توسيع العمليات الجوية الإسرائيلية إلى البقاع والهرمل يمثل رسالة ردع مزدوجة، إذ تسعى تل أبيب لتأكيد قدرتها على ضرب أهداف حزب الله في أي نقطة داخل لبنان، كما يعكس تصعيدًا استراتيجيًا يرمي إلى الضغط على الحكومة اللبنانية في وقت تعمل فيه على تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة.
وفي بيروت، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام أن الجيش اللبناني سيتولى استكمال عملية حصر السلاح جنوب نهر الليطاني قبل نهاية العام الجاري، تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء الصادر في أغسطس الماضي.
وجاء ذلك خلال لقائه رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الأميركية جوزيف كليرفيلد، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل.
من جهته، شدد رئيس الجمهورية جوزيف عون على التزام لبنان بالإجراءات الأمنية المتخذة، مؤكداً أن اللبنانيين لا يريدون العودة إلى أجواء الحرب، فيما طالب بوقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي المحتلة.
التحليل السياسي للمشهد يشير إلى أن الغارات الإسرائيلية تمثل محاولة لإعادة رسم قواعد الاشتباك، في وقت يواجه فيه لبنان ضغوطاً داخلية وخارجية لضبط السلاح غير الشرعي، فيما يسعى حزب الله للحفاظ على موقعه الإقليمي كورقة ضغط ضمن معادلة ما بعد حرب غزة.
وبين الرسائل العسكرية الإسرائيلية والضغوط الدبلوماسية الأميركية، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة دقيقة من اختبار التوازن بين سيادته واستحقاقات الأمن الإقليمي.




