الشأن الإسبانيدوليسياسة

صخرة جبل طارق في قلب الخلاف البريطاني الإسباني والإتحاد الأوروبي

أصل الصراع والممالك الثلاث

إجتمع وزيرا خارجية إسبانيا والمملكة المتحدة، خوسيه مانويل ألباريس وديفيد كاميرون، أمس الخميس في بروكسل، مع نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، ماروس شيفكوفيتش، ورئيس وزراء جبل طارق، فابيان بيكاردو، للمضي قدماً في اتفاق حول الصخرة معلقة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وفي الاجتماع الأخير في 12 أبريل الماضي، تمكنت المفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة وإسبانيا من الاتفاق على “خطوط سياسية عامة” بشأن وضع جبل طارق في مجالات مثل المطار أو التنقل.

وتم استبعاد المستعمرة البريطانية منذ عام 1713، من اتفاق انسحاب المملكة المتحدة، ولا تزال الأطراف الثلاثة المعنية تجري مفاوضات، بعد مرور ثماني سنوات على الاستفتاء. وكان استخدام المطار والرقابة الجمركية محور محادثات فرق التفاوض لعدة أشهر.

ويواجه جبل طارق، الذي اعترفت به الأمم المتحدة رسميًا “كإقليم  يتمتع بالحكم الذاتي في انتظار إنهاء الاستعمار مستقبلًا غامضًا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.”

وعلى عكس المملكة المتحدة، فإن جبل طارق ليس جزءًا لا يتجزأ منه، ولكنه مستعمرة بريطانية تقع في الأراضي الإسبانية، والتي تطالب إسبانيا بإعادة دمجها فيها.

منذ عام 1965، أوصت الأمم المتحدة بإجراء مفاوضات ثنائية بين إسبانيا والمملكة المتحدة لإنهاء الاستعمار.

ولكن مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبح الوضع أكثر تعقيدا. وفقًا للبند رقم 24 من المبادئ التوجيهية للمجلس الأوروبي للتفاوض بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا يمكن إبرام أي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ينطبق على جبل طارق دون موافقة مسبقة من إسبانيا.

ويضع أحكاما محددة بشأن جبل طارق تفاوضت عليها إسبانيا، مما يشكل سابقة في القانون الأساسي للاتحاد الأوروبي.

علاوة على ذلك، كان الاتحاد الأوروبي واضحا: لن يتم إدراج جبل طارق في الاتفاقيات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وأي اتفاق منفصل سيتطلب موافقة مسبقة من إسبانيا.

وينعكس هذا الموقف في البيانات الصادرة عن المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية. التأكد من أن الصفقات المستقبلية بشأن جبل طارق ستعتمد على المفاوضات بين إسبانيا والمملكة المتحدة.

أصل الصراع والممالك الثلاث

كانت هذه الصخرة محور صراعات وحروب كثيرة عبر التاريخ، وهي تحمل اسم القائد الإسلامي المغربي طارق بن زياد الذي كان على رأس جيش الدولة الأموية عبر البحر المتوسط ليحقق فتوحات في ضفته الشمالية.

ومنذ وصول هذا الجيش الإسلامي إلى الصخرة عام 711 ميلادية، فقدت اسمها الروماني القديم “مونتي كالبي”، لتحمل اسم القائد العسكري المغربي.

وعمليا انتهت حروب الاسترداد التي خاضها المسيحيون ضد الوجود الإسلامي في الأندلس بسيطرة مملكة قشتالة على جبل طارق في بداية القرن الـ14، ولم تفلح الهجمات وعمليات الحصار المتعاقبة التي قام بها المسلمون في استعادة هذه الصخرة.

بل إن سقوط جبل طارق كان مقدمة لانتقال الإسبان إلى مرحلة استهداف السواحل الشمالية للمغرب في إطار حربهم الشاملة على المسلمين، وهو ما أدى إلى احتلال مدينة مليلية عام 1496، وتبعها تسليم مدينة سبتة من طرف البرتغاليين للإسبان سنة 1580.

يعود الوجود البريطاني في جبل طارق إلى حرب الخلافة على الملك التي نشبت في إسبانيا بداية القرن الـ18 إثر وفاة الملك خوان كارلوس الثاني، وتحول ذلك الصراع على خلافة الملك الذي لم يترك ولدا إلى حرب طاحنة بين أمير البوربون فيليب الخامس حفيد ملك فرنسا لويس الرابع عشر، وأرشدوق هابسبورغ  كارل السادس.

وبينما حاز الملك فيليب على دعم لويس الرابع عشر، نال كارل السادس دعم دول مثل هولندا والنمسا وبريطانيا، وكلهم كانوا يخشون سيطرة فرنسا على أوروبا.

وجاء انتقال جبل طارق رسميا إلى السيادة البريطانية ليكون واحدا من تداعيات هذه الحرب، وذلك إثر خسارة إسبانيا أمام الهجوم البريطاني الهولندي. ويعود الوضع القانوني الحالي للصخرة إلى معاهدة “أوتريخت” الموقعة بين إسبانيا وبريطانيا عام 1713.

وفي عز المواجهة الدبلوماسية الحامية التي دارت بين إسبانيا وبريطانيا على خلفية التحضير لاتفاق البريكست وخروج لندن منه، سارعت أصواتٌ بريطانية إلى إثارة تناقض الموقف الإسباني حين تُطالب مدريد بالسيادة على جبل طارق بمبرر اتصاله جغرافيا بأراضيها بينما ترفض الإنصات لمطالب المغرب بخصوص مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.

وختاما فاءن التوصيف الأمثل لهذا الملف المعقد والذي تتشابك فيها عدة خيوط ماقاله الملك الراحل الحسن الثاني: إذا حركت إسبانيا ملف جبل طارق، فإن المغرب سيتحرك في ملف سبتة ومليلية.

https://anbaaexpress.ma/d2sj0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى