ثقافةمجتمع
أخر الأخبار

فيلم تكموت.. حين تتكلم الأرض: وثائقي واحة يصنع الحدث ومعجزة فنية بإمكانيات فقيرة

العمل يرصد ذاكرة المنطقة وصراعها الطويل لحماية نعمة الماء، عبر نظام تدبير تقليدي متجذر في تاريخ الواحة، ليحوّل الحكاية المحلية إلى رسالة وطنية وإنسانية حول معنى الماء كقيمة وجودية تستحق الدفاع عنها..

من قلب واحة تكموت بإقليم طاطا، وفي بيئة قاسية تتقاطع فيها ندرة الموارد مع ثقل الجبال، برز هذا الأسبوع عمل وثائقي تحوّل في غضون ساعات إلى حديث المنصات الرقمية والإعلام المحلي.

فيلم “تكموت.. حين تتكلم الأرض” لم يلفت الأنظار فقط لجماليّته البصرية، بل لقصة ولادته التي تشبه الإنجاز المستحيل.

العمل يرصد ذاكرة المنطقة وصراعها الطويل لحماية نعمة الماء، عبر نظام تدبير تقليدي متجذر في تاريخ الواحة، ليحوّل الحكاية المحلية إلى رسالة وطنية وإنسانية حول معنى الماء كقيمة وجودية تستحق الدفاع عنها.

لم يكتف الفيلم بعرض مشاهد الطبيعة الساحرة، بل صاغ لوحة من تفاصيل الحياة اليومية: سواقي الواحة، العيون، الرحّل، أصوات الجبل، وحكايات السكان، ليعيد طرح سؤال العلاقة بين الإنسان ومورد الماء في المجتمعات الهشة.

وقد لاقى الوثائقي تفاعلاً واسعاً عبر مواقع التواصل، ممهداً لنقاشات أعمق حول دور القرى والواحات في حماية مواردها الحيوية. غير أن قصّة الفيلم تبدو أكثر إدهاشاً من مشاهده، فهذه التحفة البصرية خرجت من مجهود فردي للشاب الحسين وكريم، ابن الواحة، الذي تولّى وحده جميع مراحل الإنتاج: تصويراً وإخراجاً وتعليقاً صوتياً ومونتاجاً ومكساجاً وأعمالاً غرافيكية.

أداء يُقارن عادة بفرق إنتاج كاملة، ما جعل متابعين يصفونه بـ”المعجزة الفنية” القادمة من قلب الصحراء. انتماء المخرج الشاب لأسرة فقيرة، واعتماده على تجهيزات بسيطة وإمكانيات محدودة، جعلا العمل يتجاوز حدود الصورة ليصبح نموذجاً على أن الموهبة الحقيقية قادرة على اختراق القيود وصنع أثر بصري كبير.

وهو ما دفع عدداً من النشطاء إلى الدعوة لدعم هذا الوجه الإبداعي “المدفون” في تكموت، باعتباره طاقة فنية يمكن أن ترتقي بالمنطقة وتُعرّف بقصصها على نطاق أوسع.

الفيلم بات اليوم شاهداً على قوة الإرادة قبل أن يكون توثيقاً لتاريخ الماء، ومساحة الضوء التي سلطها أعادت التأكيد أن الواحات ليست فقط خزانات طبيعية، بل أيضاً خزانات مواهب تنتظر من يكتشفها ويمد لها يد الدعم.

https://anbaaexpress.ma/buc78

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى