الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

السويداء على صفيح ساخن: تصعيد عسكري في ظل غياب حل سياسي شامل

ارتأى موقع أنباء إكسبريس إلى ضرورة التطرق لموضوع حساس الا وهو الوضع الحالي بجنوب سوريا بعد استقراء عدد من الفعاليات السورية المهتمة بالشأن السوري والتي آثرت تقاسم تحليلها الوضع بالمنطقة مع إبراز الأدوار التي تلعبها أطراف خارجية لتأجيج الصراعات الداخلية حفاظا على مصالحها الجيوسياسية.

ففي تطور خطير يعكس عمق الأزمة في الجنوب السوري، أصدر المجلس العسكري في السويداء بيانًا رسميًا بتاريخ 2 ماي 2025، أعلن فيه تعبئة عسكرية طارئة تحت قيادة الشيخ حكمت الهجري، المرجعية الروحية الأبرز لطائفة الموحدين الدروز، ردًا على ما وصفه بـ “انتهاكات جسيمة ممنهجة” ترتكبها جماعة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا) في مدينة صحنايا ومحيطها.

وللإشارة في تطورات جديدة، شهدت سوريا، أمس الجمعة 2 ماي 2025، تصعيدًا غير مسبوق في التوترات الأمنية، حيث نفذت إسرائيل غارات جوية استهدفت مواقع قرب القصر الرئاسي في دمشق، بالإضافة إلى هجوم بطائرة مسيرة في محافظة السويداء، مما أسفر عن مقتل أربعة مدنيين.

خلفيات الصراع: التوترات التاريخية وتنامي نفوذ الجماعات المتطرفة

السويداء، ذات الغالبية الدرزية، بقيت نسبيًا على هامش الصراع السوري منذ اندلاعه عام 2011، وحافظت على نوع من الحياد النسبي، رافضة الانخراط لا مع النظام السوري ولا مع الفصائل الجهادية.

غير أن هذا الحياد الهش بدأ يتآكل تدريجيًا مع اتساع رقعة الانفلات الأمني، وتنامي نشاط شبكات الخطف والتهريب، وتزايد الضغوط من الجماعات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”.

تشير التقارير إلى أن الهيئة بدأت بمد نفوذها إلى أطراف السويداء، خصوصًا المناطق القريبة من درعا والغوطة الغربية، مستفيدة من هشاشة الوضع الأمني والانقسام السياسي.

أبرز المحطات التي أوصلت إلى التصعيد

1. التغلغل الصامت للهيئة: منذ منتصف 2023، رُصد نشاط متزايد للهيئة قرب جبل العرب، شمل استقطاب مقاتلين، وفتح طرق تهريب، وتنفيذ عمليات ضد شخصيات درزية محلية.

2. محاولة تغيير ديمغرافي وفكري: أشار البيان إلى محاولات ممنهجة لفرض فكر تكفيري وتذويب الهوية الدرزية، وهو ما يعتبره أبناء الطائفة تهديدًا وجوديًا.

3. جرائم صحنايا: يشير البيان إلى ارتكاب جرائم حرب بحق مدنيين دروز في مدينة صحنايا، شملت القتل على الهوية وعمليات تطهير طائفي، وسط غياب شبه تام للرقابة الدولية.

4. تجاهل دولي وتواطؤ إقليمي؟: يتهم البيان بعض الدول الداعمة للهيئة بمواصلة تمويل العنف تحت غطاء سياسي، ما يفاقم الوضع ويقوض الاستقرار الإقليمي.

المطالب والتحذيرات

البيان يدعو إلى:

• تدخل دولي عاجل لحماية المدنيين.

• إرسال بعثات تحقيق من الأمم المتحدة لتوثيق الجرائم.

• وقف الدعم السياسي والمادي للهيئة.

• استعداد فصائل السويداء للتنسيق مع أي جهة دولية لحماية الأهالي.

في المقابل، يوجه تحذيرًا صريحًا بأن أي محاولة لتسليم جبل العرب إلى “الإرهاب التكفيري” ستواجه برد قوي ومستقل، في إشارة إلى إمكانية اندلاع صراع مسلح واسع النطاق.

صراع وجودي بأبعاد طائفية وإقليمية

ما يجري في السويداء ليس مجرد خلاف محلي، بل هو صراع تتقاطع فيه حسابات داخلية مع أطماع خارجية، وسط غياب شبه تام لأي رؤية سياسية شاملة لحل الأزمة السورية.

البيان الأخير قد يكون مؤشرًا على مرحلة جديدة من التصعيد في الجنوب، تهدد بإشعال فتيل مواجهة طائفية قد تتجاوز حدود سوريا نفسها.

البعد الإسرائيلي: صراع السويداء في مرمى الحسابات الإقليمية

لا يمكن فهم التصعيد الأخير في السويداء بمعزل عن الحسابات الجيوسياسية لإسرائيل، التي كثفت في السنوات الأخيرة مراقبتها وتدخلاتها غير المباشرة في الجنوب السوري، خاصة في المثلث الرابط بين درعا، القنيطرة، والسويداء.

منذ انحسار تنظيم داعش وتراجع السيطرة المركزية للدولة السورية، تبنت إسرائيل استراتيجية “احتواء التهديدات” عبر تشجيع تفتيت السلطة المحلية، وتمكين مجموعات مسلحة متنافسة لإشغال بعضها البعض، مع التركيز على منع تموضع إيراني أو درزي متماسك في خاصرتها الشمالية.

تصريحات نتنياهو: تحريض مبطن وموقف رمادي

في أبريل 2025، وخلال مقابلة مع قناة عبرية، صرّح نتنياهو بأن “ما يجري في جبل العرب يُظهر الحاجة إلى استمرار تفوق إسرائيل الأمني في الجولان، وأن عدم استقرار المناطق المجاورة هو نتيجة مباشرة للفكر المتطرف المتجذر في بعض البيئات السورية”.

رغم أن التصريح بدا عامًا، إلا أنه تضمّن إشارات مبطنة اعتبرها مراقبون تبريرًا ضمنيًا للفوضى في السويداء، خاصة مع تجاهل الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين الدروز، ورفض توجيه أي إدانة لـ “هيئة تحرير الشام”، العدو المعلن سابقًا لإسرائيل.

أهداف إسرائيل المحتملة من تفجير الجنوب

1. إضعاف أي كيان درزي موحد: تخشى تل أبيب من نشوء سلطة درزية مستقلة أو متماسكة في جبل العرب، لما قد يحمله ذلك من دلالات على وحدة الصف الدرزي الإقليمي، خاصة في ظل العلاقة المعقدة بين دروز إسرائيل ودروز سوريا ولبنان.

2. تشتيت النفوذ الإيراني: ترى إسرائيل أن صراع الفصائل في الجنوب يُضعف أي حاضنة حليفة لطهران، ويمنع نشوء جبهة موالية لإيران أو حزب الله في السويداء.

3. تغذية الانقسام الطائفي: تسعى بعض الدوائر الإسرائيلية إلى دفع مكونات الجنوب السوري إلى الاحتراب الطائفي، بما يمنع أي مشروع وطني جامع في سوريا مستقبلاً.

الخلاصة: دعم صامت وفوضى مدروسة

في ضوء ذلك، يبدو أن تل أبيب تتبنى سياسة “الدعم الصامت” للفوضى جنوب سوريا، عبر تمرير السلاح أو غض الطرف عن تحركات بعض الفصائل الجهادية، وتوظيف ذلك كورقة ضغط في أي مفاوضات إقليمية أو أمنية

https://anbaaexpress.ma/abgc3

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى