شهدت العاصمة المغربية الرباط، صباح الأحد، تظاهرة وطنية ضخمة شارك فيها آلاف المواطنين الذين حجّوا من مختلف مدن المملكة، إحياءً للذكرى الثانية لعملية “طوفان الأقصى” التي اطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، إيذانًا بمرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المسيرة تحولت إلى استعراض شعبي واسع للموقف الثابت للمغاربة تجاه القضية الفلسطينية، حيث غصت شوارع العاصمة بالرايات الفلسطينية والشعارات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، في ظل استمرار الحصار وتفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع منذ قرابة عامين.
ورفع المتظاهرون شعارات تؤكد على وحدة الموقف الشعبي المغربي في رفض الإبادة الجماعية والتطبيع، مؤكدين أن “الضمير الوطني لا يمكن أن يصمت أمام جرائم الحرب اليومية”، وأن “القضية الفلسطينية ليست قضية حدود بل قضية وجود”.
كما ندد المشاركون بما وصفوه بـ“تواطؤ بعض القوى الغربية” مع إسرائيل، معتبرين أن “الصمت الدولي شراكة في الجريمة” وأن ازدواجية المعايير الغربية عمّقت مأساة الفلسطينيين ومنحت الاحتلال غطاءً سياسياً لمواصلة عدوانه.
الهيئات المنظمة شددت، في بياناتها وكلماتها الميدانية، على أن مسار التطبيع مع إسرائيل يتعارض مع الإرث التاريخي والوجداني للشعب المغربي الذي ظل عبر العقود يرى في فلسطين مرآة لضميره الجمعي وامتداداً لنضاله من أجل الحرية والكرامة.
كما دعت إلى مراجعة السياسات الرسمية التي انخرطت في اتفاقات التطبيع، محذّرة من آثارها على موقع المغرب الإقليمي وصورته لدى الشعوب العربية والإسلامية.
المسيرة، التي امتزج فيها البعد السياسي بالبعد الإنساني والرمزي، جاءت لتؤكد أن “طوفان الأقصى” لم يكن حدثًا عابرًا في الوعي العربي، بل لحظة مفصلية أعادت رسم خريطة المواقف وأعادت القضايا الكبرى إلى صدارة الاهتمام الشعبي، في ظل عالم يشهد تصدّعاً في منظومة العدالة الدولية وتواطؤاً متزايداً مع منطق القوة على حساب حقوق الشعوب.
وفي الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية تدمير ما تبقى من البنية المدنية في غزة، يصرّ الشارع المغربي على أن دعم فلسطين ليس مجرد موقف سياسي، بل التزام أخلاقي وحضاري يعكس عمق الارتباط بين الهوية المغربية والقيم الإنسانية الجامعة.
وهكذا، تحوّلت شوارع الرباط اليوم إلى منبر مفتوح للضمير العربي، حيث امتزجت الهتافات بالدعاء، والرمز بالموقف، لتؤكد أن ذاكرة “طوفان الأقصى”، ما زالت حية، وأن الشعوب مهما اختلفت السياسات تظل أقرب إلى فلسطين من كل حسابات السياسة والمصالح.