تنظم الجامعة الشبابية المغاربية، الدورة الثانية للقاء المغاربي، بمدينة السعيدية بمشاركة دول الإتحاد المغاربي، ويضم كل من المملكة المغربية والجزائر وتونس وليبيا موريتانيا، بالإضافة إلى عدة دول أفريقيا، وفي هذا الصدد توصلت، أنباء إكسبريس، ببلاغ حول هذا اللقاء المغاربي الشبابي.
نص البلاغ:
بتعاون مع حركة المستقبل الليبية، ومشاركة حزب الصواب الموريتاني والحزب الاشتراكي التونسي، تنظم الشبيبة الاشتراكية المغربية، الجامعة الشبابية المغاربية بمدينة السعيدية، أيام 25 و26 و27 أكتوبر بحضور فعاليات شبابية من كل دول المغرب الكبير، تحت شعار: “الاتحاد المغاربي.. المصير المشترك” وهي بهذا الشكل تحاول إعادة إحياء فضاء فكري دأب عليه شباب المنطقة منذ سنوات خلت، لكنه عرف فتورا في السنوات الأخيرة.
إن دأب منظمة الشبيبة الاشتراكية التاريخي في الإسهام الوازن والمشاركة الفعالة والواعية في مثل هكذا ملتقيات ليس ترفا فكريا أو لقاء شبابيا ترفيهيا فحسب، بل ينطلق من الإيمان الراسخ بدور شباب المنطقة في ضرورة الدفع بنظم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأيكولوجية وغيرها لدى دول المنطقة.
إن التطور المنشود والمأمول لن يتحقق بسياسات أحادية قطرية لكل دولة على حدة، في زمن تتنامى فيه التحالفات الإقليمية على امتداد الكرة الأرضية، في الوقت الذي عرف تحالفنا ردة ونكسة على أكثر من صعيد.
تأمل الشبيبة الاشتراكية المغربية بمعية ضيوفها من خلال هذه الجامعة حلحلة فكرية أكاديمية واضحة لهذا الوضع، أمر لن يتحقق إلا عبر حوار شبابي مغاربي ونقاش هادئ وصريح يستند على الذكاء الجماعي لشعوب المنطقة للانعتاق من هذه الوضعية القاتمة التي تسائل الجميع، وفي مقدمتهم صناع القرار السياسي وكل الفعاليات الجامعية الأكاديمية والباحثين ورجال الإعلام والمجتمع المدني، حتى يتم التعارف والتقارب والتفاهم على أساس صحيح، وتردم بالتالي الهوة بين الواقع المزر والطموح المشروع لشعوب ودول المنطقة.
لذلك فكل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأيكولوجية والتكنولوجية ليست إلا نتيجة للطروحات السياسية أو السياسوية المصلحية المتباينة لدى صناع القرار بدول المغرب العربي الكبير، وعطفا على ذلك تحتل المشاركة السياسية للشباب المغاربي قطب الرحى في هذا المشروع الجديد القديم، فالشباب المغاربي وجب عليه أن يكون مشاركا في الفعل السياسي حتى يتم تخليق الممارسة وتشبيبها والتأثير بالتالي على توجيه دفة التنمية المغاربية ووضعها في سكتها الصحيحة.
من شأن جامعات شبابية كهذه التي نعقدها على ضفاف البحر الأبيض المتوسط أن تقوي الرغبة في نقل الاتحاد المغاربي من بين دفات الكتب أو من عالم الافتراض والخيال إلى واقع ملموس يكون فيه اتحاد المغرب العربي الكبير كيانا إقليميا قائما ومؤسساتيا دائما، ولا ترتهن فيه العلاقات بين الدول للمصالح المادية أو السياسية القطرية، أو تبقى حبيسة التقلبات السياسية.
إن القاعدة هي وحدة المصير وتقارب الشعوب والمصالح المشتركة، وهي الموجهات الناظمة لعلاقة الدول فيما بينها، ولا يعني ذلك نفيا نظريا طوباويا للخلافات الموجودة، لكن الخلافات بطبيعتها ظاهرة مرضية وجب أن تعالج لتتحول لاختلافات صحية عاكسة لجوهر التعددية ومغنية للمشروع النهضوي المغاربي، وعالم اليوم المليء بالحروب والغطرسة الإمبريالية المدعومة عسكريا وإعلاميا، المصاصة لدماء وخيرات دول المعمور، تؤكد مما لا يدع مجالا للشك على فضيلة الحوار وأهمية التكتلات الجيوسياسية والاقتصادية.
يزخر المغرب العربي الكبير بعديد الثروات والمقدرات الفلاحية والنفطية والمعدنية والصناعية والطاقية والجغرافية تجعله في مأمن من التقلبات والأزمات التي تميز النظام الرأسمالي بين الفينة والأخرى، ينضاف لذلك ثروة بشرية لامادية من سواعد أزيد من 100 مليون مواطن مغاربي، لكن الاكتفاء الذاتي المنشود من تلك الثروات بعيد المنال حاليا بسبب الوضع القائم، بل في كثير من الأحيان تدخل الأنظمة الاقتصادية لدول المغرب العربي الكبير في سباقات تنافسية محمومة لنيل رضا الآخرين بعيدا عن أي مشروع اقتصادي تكاملي.
إن الإيمان بالقواسم المشتركة ذات الصلة والمنافع والعوائد الاقتصادية التي ستجنيها شعوب المنطقة وجب أن تكون هي المحرك الأساسي لهذه الالتقائية التي لا تستند فقط لمعايير عاطفية وجدانية بل تنبعث من أرقام ومعطيات اقتصادية تضيع بسبب هذا التشتت، وتقوي بالتالي شركاء دول الاتحاد على حساب إضعاف القدرات التفاوضية لدولنا هكذا فالبنية التكاملية الإقليمية تعاني العقبة النفسية والحساسيات المفرطة والتي نتمنى أن تنكسر بداية من هذه الجامعة.
إذ تأمل الجامعة الشبابية المغاربية بالسعيدية أخيرا بأن يتشكل لوبي شبابي مغاربي ضاغط على صناع القرار بالمنطقة، حتى تضطلع دولنا بمسؤوليتها التاريخية اتجاه التاريخ والحاضر ومستقبل الأجيال القادمة.