أفريقياسياسة
أخر الأخبار

ليبيا.. تطلق مبادرة أممية لمحاسبة الدول المتورطة في سوء إدارة الأصول المجمدة

في تحرك دبلوماسي جديد يعكس رغبة طرابلس في استعادة زمام المبادرة بشأن ثرواتها المجمدة بالخارج، أطلقت لجنة ليبية مبادرة داخل أروقة الأمم المتحدة تطالب بمراجعة شاملة للأصول الليبية المجمدة منذ 2011، والكشف عن قيمتها الفعلية، ومحاسبة الجهات المتورطة في أي سوء إدارة أو تلاعب بعوائدها.

وتُعد الخطوة محاولة لتحويل الملف من مجرد نزاع مالي تقني إلى قضية سيادية تتصل بحق الشعب الليبي في أمواله الوطنية.

ووفقاً لما أورده موقع أفريكا إنتليجنس، تعمل اللجنة على تتبع أداء عدد من الدول التي تحتضن هذه الأصول، من بينها بلجيكا، في إطار جهد يروم وضع آلية دولية شفافة للحفاظ على تلك الأموال وإدارتها وفق معايير النزاهة والمساءلة.

وتُقدَّر قيمة الأصول الليبية المجمدة بحوالي 200 مليار دولار، جُمّدت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 لعام 2011، في ذروة الانتفاضة ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بهدف منع استخدامها لأغراض غير مشروعة وضمان استفادة الليبيين منها مستقبلاً.

غير أن طول فترة التجميد وتعدد الأطراف المتدخلة في إدارتها أثارا جدلاً واسعاً بشأن مصير العوائد والفوائد المتراكمة، وسط اتهامات بتورط مؤسسات مالية أوروبية في استغلالها بشكل غير شفاف.

وتنص المبادرة الليبية على إجراء مراجعة مالية مستقلة لتحديد القيمة الحالية للأصول وتوثيق أي تجاوزات في إدارتها، مع تحميل الدول المستضيفة المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أي تدهور أو سوء استثمار حدث خلال سنوات التجميد، لا سيما في الحالات التي تم فيها خلط الأصول الأصلية بعوائدها، في مخالفة لروح قرارات مجلس الأمن.

ويأتي التحرك الليبي متزامناً مع دخول قرار مجلس الأمن رقم 2769 حيّز التنفيذ في يناير 2025، والذي سمح بإعادة توظيف جزء من الأموال المجمدة في استثمارات منخفضة المخاطر لحماية قيمتها، شريطة إشراف لجنة العقوبات الأممية.

وهو ما اعتبرته طرابلس فرصة لإعادة طرح ملفها المالي على طاولة المجتمع الدولي ضمن رؤية جديدة توازن بين الحماية والسيادة.

غير أن هذا المسار يصطدم بتحديات داخلية معقدة؛ فغياب حكومة موحدة وشرعية جامعة منذ أكثر من عقد حال دون تشكيل آلية وطنية موحدة لمتابعة الملف.

كما يعكس الانقسام بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة عجزاً هيكلياً عن التفاوض باسم ليبيا ككيان واحد، الأمر الذي تستغله بعض الدول المستضيفة للمماطلة في الكشف عن تفاصيل الأصول أو تسويغ إدارتها بطرق تفتقر إلى الشفافية.

ويرى مراقبون أن المبادرة تشكل اختباراً لموقف الأمم المتحدة نفسها التي تجد اليوم ضغوطاً متزايدة لمراجعة نظام العقوبات على ليبيا وضمان ألا تتحول وصايتها المالية إلى شكل جديد من أشكال الهيمنة الدولية المقنّعة.

كما تُعد دعوة صريحة لإعادة النظر في المفهوم القانوني لتجميد الأصول في حالات الدول المتنازعة، بين من يراه حماية مؤقتة، ومن يعتبره انتقاصاً من السيادة الاقتصادية.

وبينما يخشى المجتمع الدولي من أن يؤدي رفع التجميد دون ضمانات إلى عودة الأموال إلى أيدي ميليشيات أو فاعلين غير مؤسساتيين، ترى اللجنة الليبية أن استمرار الوضع الراهن يعني عملياً استمرار نزيف الثروة الوطنية في غياب المساءلة، وتحول قرارات مجلس الأمن من أدوات للحماية إلى آليات لتكبيل إرادة الدولة الليبية.

في ضوء ذلك، تبدو المبادرة الليبية في الأمم المتحدة خطوة أولى ضمن معركة طويلة لاستعادة السيطرة على ثروات البلاد، ولبناء سردية جديدة عنوانها: أن الأموال المجمدة ليست مجرد ودائع مالية، بل رموز لسيادة وطنية مؤجلة تبحث عن من يستعيدها.

https://anbaaexpress.ma/8im8j

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى