عاد ملف الصحراء ليحتل الواجهة داخل البرلمان الإسباني، بعد أن حولته مكونات سياسية متباينة إلى منصة لقياس توازنات القوة قبيل الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
فمنذ أسابيع، كانت قوى اليسار الراديكالي والقوميون الباسك والكتالان ينسقون لإحراج وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، عبر مساءلته حول موقف مدريد من مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وفي جلسة يوم الأربعاء 10 دجنبر، وجد ألباريس نفسه أمام صدام مفتوح، باستثناء سند حزبه الاشتراكي (PSOE)، إذ حاول الدفاع عن التحول الذي قامت به الحكومة في مارس 2022 باعتبار مبادرة المغرب «الحل الأكثر جدية وواقعية» لطي نزاع استمر خمسين عاماً.
استند الوزير في دفاعه إلى قرار مجلس الأمن 2797 الصادر في 31 أكتوبر، ليؤكد أن «القضية لا يمكن أن تبقى رهن الانتظار نصف قرن آخر».
لكن تدخّلات ممثلي حزب سومار واليسار الجمهوري الكتالوني والحزب الوطني الباسكي وEH Bildu حملت رفضاً قاطعاً لهذه المقاربة، معتبرة أن الحكومة انحازت إلى الرباط دون توافق وطني.
كما استغلّ الحزب الشعبي (PP) الجلسة ليهاجم الموقف الحكومي، في خطوة لا تخلو من حسابات سياسية مرتبطة بمحاولة إحراج الاشتراكيين، رغم أن الحزب نفسه سبق أن اتّبع استراتيجية مشابهة في المعارضة خلال فترة ماريانو راخوي بين 2004 و2011، قبل أن يعدّل خطابه عند وصوله إلى السلطة.
وبذلك، يكشف النقاش البرلماني أن موقف مدريد من الصحراء بات ورقة توظيف داخلي أكثر من كونه خياراً استراتيجياً ثابتاً في السياسة الخارجية.
ففي الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على الشراكة مع المغرب كضرورة جيوسياسية وأمنية واقتصادية، تسعى أحزاب معارضة ويسار راديكالي إلى إبقاء الملف رهينة صراعات الهوية ومزايدات المصالح الانتخابية.
وبين هذا وذاك، يستمر تذبذب الموقف الإسباني في تغذية التوتر بين السلطة والمعارضة، بينما يظل المغرب ثابتا على اعتبار الحكم الذاتي مدخلاً وحيداً لتسوية النزاع.




