
عندما أطلق سراح من المعتقل كيف خرجت من تندوف؟
عندما خرجت من المعتقل لم يدمجوني في الجيش، لأني أعتبر حامل للسلاح، وكان عندهم تخوف أن أهرب إلى المغرب، فوضعوني في ولاية العيون بالمخيمات بتندوف كمدير جهوي للثقافة والرياضة، ومن بعد أرسلوني إلى الجزائر العاصمة، من أجل العمل في السفارة كمسؤول للعلاقات الخارجية للمنظمة الهلال الأحمر الصحراوي، وعندما كنت في هذا العمل كتبت تقريرا حول تهريب المساعدات الغذائية المقدمة من طرف الدول المانحة التابعة للمنتظم الدولي إلى جهات أخرى خارج المخيم، إلا أن المسؤولين بالجبهة، لم يهتموا وهذا طبيعي لأنهم متورطين في بيع هذه المساعدات، من بعد ذهبت إلى هولندا وأصبحت مقيم فيها حتى عام 2006، وبدأت أشتغل في ميدان البيئة ومواضيع الشأن الشبابي كما أني عضو في المجلس الجهوي للسياحة بالداخلة وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان.
وكنت دائما أدعوا الله أن يخرجني من هذه المحنة سالما في عقلي معافا في بدني وأن يعطيني القدرة على فضح هؤلاء المجرمون.
ولكن ماذا عن طريقة هروبك ؟
أرسلوني في وفد رسمي إلى إسبانيا وبجواز سفر دبلوماسي، وهناك قررت عدم الرجوع وعندي مشروع فيلم وكتاب حول هذا الموضوع أتمنى ان يرى النور قريبا.
كيف أثرت عليك تجربة الاعتقال ؟
تجربة الاعتقال بالنسبة لي كانت تجربة أليمة، لكني إستفدت منها الكثير من الدروس، وتعاشيت معها، وبعد هذه التجربة إستقرت في هولندا، وأسست أنا وصديقي سيدي أحمد العروسي جمعية حقوقية، بإسم نور وعدالة، وكشفنا من خلال هذه الجمعية الانتهاكات الجسيمة والصارخة للبوليساريو في تعذيب المعتقلين وكانت أول جمعية حقوقية صحراوية في أوروبا والعالم.
وكنت ذهبت إلى لندن وقدمت لوائح إلى أمنستي ناشيونال، عن المعتقلين والمفقودين والكشف لهم عن ظروف إحتجازهم وتصفية بعضهم من قبل البوليساريو، وكانت أمنستي راسلت البوليساريو بناءا على اللوائح التي قدمتها لهم، إلا أن البوليساريو كذبوا على المنظمة حول مصير هؤلاء ،وقالوا لهم أنهم ماتوا بالحرب، كما قمت بزيارات متعددة إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف لطرح هذا الملف عليهم.
وتجربة السجن أعطت لي مهمة على عاتقي، وهي أمانة بالنسبة لي وهو الكشف كذلك عن مصير أصدقائي الذين قضوا نحبهم في السجن، وأنا لن أنساهم أبدا وإلى حد الساعة أواصل الكشف عن هذه التجاوزات الخطيرة التي تدرج في خانة الجرائم ضد الإنسانية.
كما إكتشفت أيضا أن البوليساريو وعلى طريقة العصابات والمافيات، سرقت المساعدات الغذائية المقدمة من طرف المنتظم الدولي، ونحن كنا أول من أشار وكشف عن هذا الموضوع.
فعند زيارتي لموريتانيا، رأيت كيفية تسويق هذه المساعدات الدولية المجانية الموجهة إلى المحتجزين بمخيميات تندوف، وعدم إستفادتهم لهذه المساعدات والتي تباع في أسواق موريتانيا والجزائر ودول الساحل كذلك .
وكنت أعددت تقريرا مفصلا وملفا متكاملا حول هذه القضية، ورفعتها إلى المجموعة الأوروبية في بروكسل وإلى منظمة أوكسفام، ومنظمة كاريتاس، كما إتصلنا بالمنظمات المانحة لهذه المساعدات وطلبنا منهم بضرورة إنشاء آلية جديدة لضمان وصول هذه المساعدات إلى المحتجزين بتندوف، لأن قيادات البوليساريو تبيع هذه المواد إلى الدول المجاورة للجزائر، حيث أن تندوف لاتتوفر على أدنى متطلبات العيش الكريم.
ماهي المحددات الفكرية التي إنطلقت منها في بناء تصورك حول البوليساريو كمنظمة إرهابية وليست كمنظمة تحرر كما تسوقها الجزائر ؟
أرى أن نظام البوليساريو نظام شمولي وهو حالة شاذة، ويمكن مقارنته بنظام كوريا الشمالية، أنا دائما أقول أن الدولة الجزائرية هي المسؤول الأول والأخير عن كل هذه الجرائم والانتهاكات التي وقعت على أرض الجزائر. فالجزائر موقعة لكل الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، وهي عضو رسمي في المجلس الدولي لحقوق الإنسان.
فالدولة الجزائرية مساهمة في هذه القضية، لأن الناس التي ماتت وعذبت في المعتقل على أيدي البوليساريو، جرت على أرض جزائرية، وبالتالي فإنها تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة، عن هذه التجاوزات التي وقعت على أرضها .
وأنا تعهدت لأصدقائي الذين ماتوا بالسجن، بأن أكون صوتهم لكي لاتضيع مظلوميتهم، ولازلت سائرا على هذا النهج حتى أحقق لهم العدالة.
اليوم أصبح هنالك مسار ثاني للبوليساريو، فقد هرب أكثر من 16 ألف شخص منهم، والذي بقي بالمخيمات سوى أناس قليلو الحيلة، ضعفاء ومساكين، والبوليساريو تعيش أزمة حقيقة على مستوى قياداتها، فأغلبهم وأن لم نقول جلهم بارونات للمخدرات، وأمراء للحرب والسلاح، وثبت تورطهم في ليبيا ودول الساحل من خلال أنشطتهم المشبوهة، وبالتالي فإن البوليساريو باتت تشكل نقطة سوداء للجزائر، باعتبارها الراعي الرسمي لهذه المنظمة الإرهابية، وأغلب قيادات الجبهة يهدفون نحو أهداف شخصية ضقية، فالصحراء لاتهمهم في شيء فهي فقط بالنسبة لهم وقود للبروباغندا التحررية من أجل الاستمرارية في هذه المسرحية المبتذلة.
كيف ترى الموقف الإسباني الرسمي الأخير من نزاع الصحراء المفتعل؟
نحن أيدنا الموقف الإسباني في حركة السلام من أجل الصحراويين، وأنا عضو مؤسس في هذه الحركة، وأول بيان أخرجناه حول الموقف الإسباني شكرنا فيه موقفها الإيجابي، والتي أخرجت إسبانيا من دائرة عدم الانحياز، وأدركت مدريد أن خطة الحكم الذاتي المغربي هو الحل الواقعي والوحيد والبرغماتي القابل للتطبيق بالصحراء، فالحكم الذاتي هو أسلوب واقعي، طبق في العديد من الدول، والدول الكبرى كالولايات المتحدة وألمانيا دعمت المغرب في مشروعه بالصحراء.
ولاننسى كذلك المصالح الإسبانية التي ترتبط بالمغرب إرتباطا وثيقا، فهناك آلاف الشركات الإسبانية التي تستثمر بالمغرب ،كما أن المغرب يعتبر مفتاح إسبانيا وأوروبا نحو إفريقيا.
نعرف جميعا أن دول أمريكا الجنوبية هي الحاضن الرسمي لإديولوجية البوليساريو، ماهو تقييمكم لتواجد الجبهة في هذه المنطقة؟
هناك دول في أمريكا اللاتينية ككوبا والمكسيك مثلا بدأوا يتراجعون عن موقفهم التقليدي ،لذلك لابد من حملة توعية للتعريف بهذه القضية، والمغرب كان غائبا عن هذه المنطقة، فهي قضية شرح فقط، وهذا ماأدركه مؤخرا بعد الاختراقات الدبلوماسية المهمة التي أحدثها المغرب في أمريكا اللاتينية.
لكن أرى أن الحركات اليسارية بهذه الدول لازالت تدعم البوليساريو ؟
نعم لكن تأثير هذا الدعم بدأ يخفت تدريجيا، فنحن كحركة الصحراويين من أجل السلام، هي حركة ديمقراطية وهو نمط للديمقراطية عند الصحراويين، وهي حركة لها صدى دولي وراسلنا جميع الدول بما فيها الجزائر كذلك.
كلمة أخيرة
نتمنى لهذه الخلافات المزيفة أن تندثر ويعرف الصحراويين الحقيقة حول الوجه القبيح للبوليساريو، و نتمنى كذلك جمع الشمل لأهلنا والمشاركة في عجلة التنمية في وطن واحد وأمة واحدة.
7 تعليقات