تواجه النساء في شتى بقاع العالم مخاطر التهديدات والعنف والكراهية وامتهان الكرامة، بسبب الميز المرتكب ضدهم، وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان واللاتي تخضعن لتحديات لإضافية بسبب عملهن وسعيهن لنشر ثقافة حقوق الإنسان بين الفئات الأكثر تعرضا للانتهاكات كالمرأة والطفل، وهي كلها أفعال قائمة على النوع الاجتماعي.
إن اعتبار النساء أهدافا لهجمات متكررة وبشكل ممنهج على حقوقهن وحرياتهن وسلامتهن الجسدية وحقهن في الحياة، أمر يبعث على القلق، نظرا لازدياد المخاوف بخصوص إفلات الأشخاص والجماعات والجهات المسؤولة عن تلك الانتهاكات.
وبالرغم من التراكم الكبير لعمل اليات الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان في علاقة بتعزيز حماية حقوق النساء ووقايتهن من الانتهاكات وإعداد الكثير من الاستراتيجيات والبرامج الهادفة إلى ضمان وصولهن للعدالة، إلا أن ذلك لم يترك أثرا إيجابيا حول إمكانية تمتع النساء بالحقوق والحريات على نحو مشابه للرجال، ويرجع السبب في غالب الأحيان للتقاليد والعادات والتمثلات المجتمعية وبعش السياسات والممارسات.
ولعل من نافل القول، أن الهجمات المتكررة ضد النساء تجد سندا داعما لها في خطابات الكراهية والتمييز على أساس النوع الاجتماعي والفقر والأمية وأنماط من الأنظمة الاستبدادية التحكمية وانتشار رقعة النزاعات المسلحة، مما يفاقم معاناة النساء وسط عالم يرتكن للجشع والتفاوتات الطبقية والمجالية الصارخة والاتجار بالبشر وغيرها من الانتهاكات التي ترهن تمتع المرأة بحقوقها، لاسيما في دول العالم الثالث.
ولم تكن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط بمعزل عما تعانيه النساء في بقية أنحاء العالم، حيث تنشتر النزاعات المسلحة وتغول جماعات الضغط وبعض الأنظمة السياسية، بالإضافة الى توسع الهوة بين الفئات المجتمعية وخاصة النساء والأطفال، وارتفاع العنف القائم على نوع الجنس وتدهور مؤشرات الصحة الإنجابية وامتهان كرامة النساء بأكثر من بلد ومنطقة بفضاء مينا، لما للصراعات المسلحة من تأثير خطير على السلامة النفسية والجنسية للنساء والطفلات، ورهن التمتع بالحقوق الأخرى كالتعليم والصحة والسلامة الجسدية والحق في الحياة كما هو حاصل الان في فلسطين المحتلة وسوريا والسودان واليمن ومخيمات الصحراويين بتندوف وغيرها من المناطق التي تعرف انتهاكات ضد النساء بالجملة.
واستحضارا لذكرى اليوم العالمي للمرأة، وما تفرضه علينا المناسبة من استنهاض للهمم وإعادة إحياء الضمير العالمي لتبني قضايا الدفاع عن حقوق الإنسان للنساء والطفلات بشكل خاص، لكونهن الأكثر عرضة للاستهداف، فإن منظمة أفريكا ووتش ومنظمة مدافعون من أجل حقوق الإنسان والشكة الدولية لحقوق الإنسان والتنمية، تطرح التساؤل القديم الجديد حول جدوى أثر الترافع من اجل حماية حقوق النساء وما راكمته الأمم المتحدة والشعوب من نضال لأجل تحقيق رفاهية النساء على حياتهن.
وهل من سبيل لتجاوز تلك التحديات بإجراءات وتدابير ملموسة وفق استراتيجيات تستهدف تحسين شروط حياة النساء والطفلات في عالم غير مستقر من حيث الإيمان بالمبادئ الكونية والصكوك الناظمة لحقوق الإنسان وكذا التشريعات الوطنية لبلدان منطقة مينا؟ وكيف يمكن لمجتمع المدافعات. والمدافعين عن حقوق الإنسان أن يسهم في حماية وتعزيز حقوق المرأة في القانون وعلى مستوى الممارسة؟
وهل حققت الجهود المبذولة أمميا ودوليا ومحليا، تعزيز القيادة النسائية والمشاركة السياسية والتمكين الاقتصادي للنساء وإنهاء العنف ضد المرأة ودعم المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في عمليات صنع السلام، كمحددات رئيسية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة؟
وهي أسئلة ستشكل محاور النقاش في الحلقة النقاشية عن بعد التي يعتزم تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية تنظيمها حول موضوع “حقوق المرأة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط: الواقع، التحديات والفرص”، وذلك يوم 8 مارس 2024.
ويثمن المتتبعون من الفضاء المدني الدولي والمحلي وخبراء الأمم المتحدة بالدور الريادي للمرأة العربية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان عموما وقضايا المرأة والأسرة والأطفال، والوساطة في حل النزاعات الأسرية والمجتمعية بالطرق السلمية أو منع وقوعها، بالرغم من قلة الموارد والتفاوتات الحاصلة في تمويل أنشطة المجتمع المدني النسوي بمنطقة مينا بالمقارنة مع الديناميات الأخرى.
وترى الجهات المنظمة للحلقة النقاشية ضرورة تكاثف جهود المجتمع المدني بمنطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط وتعزيز التشبيك بين كافة مكوناته، استرشادا بخبرة الاليات الدولية لحماية حقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية في بلدان المنطقة والتراكم البحثي الأكاديمي الحاصل بالمؤسسات البحثية والجامعية والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان،ط.
والعمل على تعزيز مهارات الحركة النسائية في أفق تعزيز الحقوق وحماية الحريات ورفع قدرات المدافعات عن حقوق الإنسان في منطقة مينا وكذا دعم المبادرات والمشاريع التي تبدعها الناشطات والمدافعات عن حقوق الانسان في علاقة بالحماية من العنف الجنسي والاتجار بالبشر والحماية المعززة في سياق النزاعات المسلحة ودعم المبادرات الموفرة لخدمات الرعاية الصحية والصحة الإنجابية والأنشطة المذرة للدخل في أوضاع الهشاشة، وكذا ضمان المشاركة الفعلية والكاملة للمرأة في منع الصراعات وبناء السلام بعد انتهاء الصراعات.
ونسعى في تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، أن تشكل هذه الحلقة النقاشية، مدخلا لتعميق الحوار بشأن أوضاع المرأة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، والتحديات التي تواجهها لا سيما في سياق النزاعات المسلحة والاضطرابات وكذا الخطوات الكفيلة بحمايتها ووقايتها من التعرض للانتهاكات.
أملا في جعل هذه الندوة موعدا سنويا للنقاش وتبادل الرأي والاقتراحات بشأن تحسين أوضاع النساء والطفلات في منطقة مينا وكذا تقديم حصيلة هيئاتنا الحقوقية في مجال الدفاع عن حقوق النساء، والترافع حولها امام اليات الأمم المتحدة الحمائية والحكومات وأصحاب المصلحة الاخرين.
وتجدر الإشارة، إلى أنه سيتم بث أشغال اللقاء مباشرة، على صفحة المنظمة الإفريقية لمراقبة حقوق الإنسان (https://www.facebook.com/AfricaWatch1)، لتقاسم مختلف مداخلات الخبيرات والمدافعات عن حقوق الإنسان من منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
بالإضافة الى مداخلة مؤطرة للندوة تلقيها الأستاذة ريم السالم، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات، بما في ذلك أسبابه وعواقبه، وذلك يوم 08 مارس 2024، ابتداءا من الساعة الرابعة عصرا بتوقيت غرينتش، ويمكن للمتابعين للقاء إرسال أسئلة الى المشاركات حول موضوع الندوة.
بلاغ
تعليق واحد