دوليسياسة
أخر الأخبار

وزير فرنسي يشعل نار الذاكرة الاستعمارية.. تصريحات تابارو تعيد التوتر بين باريس والجزائر

تأتي هذه التطورات في ظرف دبلوماسي دقيق، إذ تمر العلاقات بين البلدين بحالة برود منذ صيف 2024..

عاد ملف الذاكرة الاستعمارية ليطفو مجدداً على سطح العلاقات الفرنسية الجزائرية، بعد تصريحات مثيرة أطلقها وزير النقل الفرنسي فيليب تابارو، رفض فيها بشكل قاطع فكرة اعتذار بلاده عن ماضيها الاستعماري، مؤكداً أن فرنسا “لا تعتذر لا عن الماضي ولا عن الحاضر”.

التصريحات التي أدلى بها الوزير، المنتمي لحزب الجمهوريين، خلال مقابلة مع قناة CNews الفرنسية، أحدثت عاصفة من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية، لما تحمله من رمزية تاريخية في مرحلة تتسم أصلاً بحساسية العلاقات بين باريس والجزائر. وقد شدد تابارو على أن “التعامل مع الجزائر يجب أن يكون قائماً على الصراحة والصلابة”، داعياً إلى “علاقات متوازنة لا تقوم على عقدة الذنب أو لغة الاعتذار”.

في فرنسا، تباينت ردود الفعل بشدة. فبينما اعتبر بعض المراقبين أن الوزير عبّر عن توجه متنامٍ داخل الطبقة السياسية يميل إلى تجاوز الماضي الاستعماري دون اعتذارات رمزية، رأى آخرون أن تصريحاته تنسف الجهود الدبلوماسية الرامية إلى طي صفحة التاريخ المؤلم بين البلدين. وزادت حدة الجدل بعد الكشف عن خلفية الوزير العائلية، إذ إن والده، روبرت تابارو، كان أحد قيادات منظمة الجيش السري (OAS) التي قاتلت ضد استقلال الجزائر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

وقد عقّب النائب اليساري توماس بورت على هذه المعطيات عبر منصة إكس، قائلاً بسخرية إن “الاستعمار بالنسبة إليه قضية عائلية”، في إشارة إلى العلاقة بين ماضي والده وموقفه الحالي، ما صب الزيت على نار النقاش العام في فرنسا.

أما في الجزائر، فقد أثارت تصريحات الوزير موجة من الانتقادات الواسعة على شبكات التواصل الاجتماعي وفي الصحافة المحلية، ووصفتها بعض التعليقات بأنها “دليل على استمرار الذهنية الاستعمارية في مؤسسات القرار الفرنسي”. ورغم التفاعل الشعبي الكبير، لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من السلطات الجزائرية.

تأتي هذه التطورات في ظرف دبلوماسي دقيق، إذ تمر العلاقات بين البلدين بحالة برود منذ صيف 2024، عندما اعترفت باريس بسيادة المغرب على الصحراء ودعمت مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط، ما أثار غضب الجزائر وأدى إلى تجميد التعاون الأمني وتعليق بعض الاتفاقيات القنصلية.

كما عاد الجدل إلى الساحة السياسية حول اتفاقية 1968 التي تنظم إقامة الجزائريين في فرنسا، بعد أن طالبت شخصيات فرنسية بمراجعتها “لتصحيح اختلالات الامتيازات” التي تمنحها للجزائريين مقارنة ببقية المهاجرين.

ورغم محاولات التهدئة التي تبذلها الحكومتان منذ مطلع عام 2025 لإعادة بناء الثقة عبر قنوات دبلوماسية هادئة، إلا أن تصريحات فيليب تابارو أعادت إشعال فتيل الذاكرة الاستعمارية، لتذكّر الطرفين بأن التاريخ لم يطوَ بعد، وأن جراح الماضي ما تزال تحدد إيقاع العلاقات الفرنسية الجزائرية بعد أكثر من ستة عقود على الاستقلال.

https://anbaaexpress.ma/6cqeo

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى