أفريقياسياسة
أخر الأخبار

تشخيص لحالة الفصام السياسي للدولة الجزائرية

الإطار المفاهيمي

الفُصام، في علم النفس السريري، هو اضطراب يتميز بفقدان الاتصال بالواقع، خطاب غير منظم، جنون ارتياب (بارانويا)، هلوسات، تفكير جامد أو جنون عظمة، وسلوكيات متناقضة. عند تطبيق هذا التشخيص على سلوك دولة، فإنه يُؤخذ على نحو مجازي، لوصف:

• انقسام في الخطاب والسلوك السياسي؛

• قطيعة مع الواقع الفعلي أو الجيوسياسي؛

• عداء ارتيابي تجاه العالم الخارجي؛

• انغلاق على هوية مشوهة أو هشّة؛

• استخدام مكثف للإنكار والإسقاط.

العلامات السريرية للفصام السياسي الجزائري

1. أزمة هوية مستمرة

• رفض الاعتراف بالأمازيغية كمكوّن كامل للهوية الوطنية، رغم الواجهة الدستورية.

• عداء للتعددية التاريخية: العثمانية، العربية، البربرية، الفرنسية — دون أي مصالحة حقيقية.

• وطنية جامدة تتمحور حول حرب الاستقلال، كمصدر وحيد للشرعية.

2. جنون عظمة وتفكك إدراكي

• تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون:

• “الجزائر ستكون ثالث قوة عالمية”.

• “سوف نصبح قوة في مجال تحلية المياه”.

• “صادراتنا خارج المحروقات تبلغ عشرات مليارات الدولارات”.

• هذه التصريحات تتناقض بحدة مع الواقع: اعتماد شبه كلي على الطاقة، فقر صناعي، تضخم، هجرة جماعية للشباب، إلخ.

3. سلوكيات ارتيابية واتهامية

• نظريات “المؤامرة الدولية” (إسرائيل، المغرب، فرنسا، منظمات غير حكومية، معارضون في الخارج، إلخ).

• رؤية للعالم على شكل “قلعة محاصَرة”، حيث يُنظر إلى كل نقد كعدوان خارجي.

• مثال: قطع العلاقات مع إسبانيا بسبب موقفها من قضية الصحراء — دون استراتيجية واضحة.

4. عدائية لفظية وتهديد ضمني

• تصريح الرئيس علنًا:

“اللي يحاول يخدعني، عندي حجرة في يدي نضربو بها”.

• هذه العبارة تُظهر موقفًا نفسيًا دفاعيًا وعدوانيًا، يعكس البارانويا المؤسسية.

5. علاقات خارجية متقلبة وصراعية

• أزمات وقطيعة مع:

• فرنسا: تذبذب بين الشراكة والتنديد الاستعماري.

• المغرب: قطيعة تامة، خطاب تصعيدي، إغلاق الحدود.

• إسبانيا: تجميد العلاقات إثر موقفها من الصحراء.

• الإمارات: تصاعد الشكوك والاتهامات الضمنية.

• هذه السياسات تخدم تعزيز سردية داخلية تلعب على وتر “الضحية”، كوسيلة تعبئة جماهيرية.

6. استخدام منهجي للدعاية، مع ادعاء التعرض لها

• تضاعف وسائل الإعلام الخاضعة للرقابة، بما في ذلك الأجنبية.

• حملات تشويه ضد شخصيات معارضة (مثل بوعلام صنصال، المعارضين بالخارج، الصحفيين…).

• النظام يتهم الآخرين بـ”الدعاية المعادية”، بينما يُمارس بنفسه دعاية رسمية مكثفة.

7. عنف رمزي ضد المعارضين

• إهانات علنية من الرئيس تجاه بوعلام صنصال، متهمًا إياه بأن “والديه كانا من البغايا”: إسقاط عدواني، وانعدام للياقة، وعدم القدرة على تقبل النقد.

• هذا العنف اللفظي يعكس عدم تحمل مرضي للاختلاف وكبتًا داخليًا عميقًا.

الخلاصة

تُظهر الدولة الجزائرية، كما تتجلى اليوم، تكوينًا نفسيًا-سياسيًا قريبًا من اضطراب الفصام من النوع البارانويدي. هذا التشخيص يساعد كأداة تحليل لفهم الديناميات اللاعقلانية التي تحرك:

• صناعة عدو دائم،

• إنكار الواقع،

• خطابات رئاسية ذات طابع وهمي،

• قطيعة مع الدبلوماسية العقلانية.

المشكلة هنا ليست سياسية فقط، بل نفسية ورمزية: يسعى النظام لحماية نواة هويته الهشة، والتي انهارت بفشل مشروع ما بعد الاستقلال. 

https://anbaaexpress.ma/62m2k

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى