بدأت أذربيجان رسميًا ضخ الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأراضي التركية، في مشروع ضخم يحظى بدعم مالي قطري، ويُنظر إليه كمؤشر على إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بعد سنوات من الصراع.
ويأتي هذا التطور تتويجًا لاتفاقات رفيعة المستوى بين أذربيجان وسوريا وتركيا، بدعم مباشر من قطر، ويهدف إلى دعم جهود إعادة الإعمار، عبر تزويد سوريا سنويًا بـ1.2 مليار متر مكعب من الغاز انطلاقًا من حقل “شاه دنيز” في بحر قزوين.
وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار أوضح أن المرحلة الأولى ستشهد ضخ 6 ملايين متر مكعب يوميًا، تُستخدم في إعادة تشغيل محطات توليد كهرباء بطاقة 1200 ميغاواط، ما يغطي احتياجات نحو خمسة ملايين أسرة سورية، في وقت يعاني فيه البلد من شلل كهربائي واسع النطاق.
هذا التحرك يكتسب أهمية خاصة في ظل تغير المشهد السياسي السوري، مع بروز حكومة جديدة بقيادة أحمد الشرع، المدعومة ضمنيًا من أنقرة، في تحوّل واضح في الموقف التركي تجاه الملف السوري، بعد سنوات من دعم المعارضة ضد النظام السابق.
من جهتها، أكدت قطر التزامها الكامل بالمشروع، إذ أشار بيان لسفارتها في دمشق إلى أن المرحلة الثانية من مبادرة دعم الطاقة الكهربائية بدأت أمس السبت، بقدرة 800 ميغاواط، بعد نجاح المرحلة الأولى التي بلغت 400 ميغاواط منتصف مارس الماضي.
المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان، توماس باراك، رحّب بالمبادرة واعتبرها “خطوة فعالة نحو الاستقرار”، مما يعكس دعمًا دوليًا ضمنيًا، واعترافًا بأهمية الاقتصاد كأداة لإرساء السلام في بلد مزقته الحرب.
على المستوى التحليلي، وفق مختصين يعد هذا المشروع نموذجًا لتحول السياسة إلى تعاون اقتصادي، حيث تحل خطوط الغاز محل خطوط النار، وتصبح الطاقة أداة لإعادة بناء الجسور بدلًا من حفر الخنادق. كما يعكس المشروع تصاعد دور قطر وتركيا كفاعلين إقليميين يسهمان في صياغة مرحلة ما بعد الحرب، وسط غياب فعّال لبعض القوى التقليدية في الملف السوري.
في خضم هذه التحولات، يبرز الغاز الأذري كرمز لتحالف جديد يُنهي عزلة سوريا، ويمنح الإقليم فرصة نادرة لإعادة رسم خرائط النفوذ من خلال التنمية لا التدخل، ومن خلال الاقتصاد لا العسكرة.
تعليق واحد