تشهد بلدة توري باتشيكو الواقعة في إقليم مورسيا جنوب شرق إسبانيا تصعيداً مقلقاً في وتيرة التوترات العرقية والاجتماعية
بعد أن تحوّلت حادثة اعتداء مزعومة على مواطن إسباني مسن إلى شرارة أشعلت موجة من الكراهية
والملاحقات ضد المهاجرين خصوصاً من أصول مغربية على يد مجموعات متطرفة محسوبة على اليمين القومي المتشدد
الشرارة الأولى اندلعت مساء الأربعاء المنصرم حين تناقلت وسائل إعلام محلية أخباراً متضاربة
عن اعتداء نفّذه عدد من القاصرين المغاربة على رجل إسباني مسن في أحد أحياء المدينة
بعض التقارير تحدثت عن “لعبة عنيفة” بين القاصرين هدفها الاعتداء على أكبر عدد من المسنين وتوثيق ذلك بالفيديو
فيما تحدثت روايات أخرى عن محاولة سرقة وأياً كانت الحقيقة الكاملة
فإن رد الفعل الجماهيري لم يتأخر حيث خرج المئات من سكان البلدة في مظاهرة ليلية يوم الجمعة طالبوا فيها بتعزيز الأمن ومعاقبة المعتدين
لكن ما بدأ بمطالبات أمنية سرعان ما تحول إلى ساحة مفتوحة لتحريض سياسي وعنصري
خاصة بعد أن استغلت مجموعات تابعة لليمين المتطرف يتقدمهم أنصار حزب Vox
الحدث لتأجيج المشاعر العدائية ضد المهاجرين متهمين إياهم بتهديد الأمن والاستقرار المحليين
وتداولت وسائل الإعلام مقاطع مصورة تظهر شباناً ملثمين يحملون رموزاً نازية يطاردون مهاجرين مغاربة
ويعتدون عليهم جسدياً في الشوارع وسط حالة من الهلع بين الجالية المغربية المقيمة في المدينة
قوات الأمن الإسبانية سارعت إلى التدخل واحتواء الوضع عبر تفريق التجمعات العنصرية وفتح تحقيقات بشأن الاعتداءات
إلا أن الاحتقان لم يهدأ بل ظهرت دعوات متطرفة عبر منصات التواصل الاجتماعي
تدعو إلى تنظيم ملاحقات ممنهجة ضد المهاجرين في الأيام المقبلة
فيما وصفته صحيفة “بوبليكو” بأنه دعوات “تطهير عرقي صريح” داخل التراب الإسباني
ما يثير القلق بشكل مضاعف هو أن هذه الأحداث قد لا تبقى محصورة في نطاق توري باتشيكو
بل يُخشى من انتقال عدواها إلى مدن أخرى تعرف كثافة سكانية مهاجرة خاصة من المغاربة كبرشلونة وأليكانتي وألمرية
ويتخوف مراقبون من أن تجد التيارات اليمينية المتطرفة في هذه الأزمة بيئة خصبة لتغذية خطابها المعادي للأجانب قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة
وتعكس هذه الأزمة المعقدة تراجع منسوب التماسك الاجتماعي واهتزاز ثقافة التعايش في بعض المناطق الإسبانية
خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتراكمة وتنامي الخطابات الشعبوية التي تلقي باللوم على المهاجرين وتصورهم كتهديد مباشر لنمط الحياة الأوروبي
في المقابل تصرّ الجالية المغربية في المدينة على التزام الهدوء والابتعاد عن أي استفزازات
حيث شاركت فعاليات جمعوية ومواطنون مغاربة في وقفات سلمية دعت إلى ضبط النفس ورفض العنف بجميع أشكاله
مؤكدين على أهمية العدالة وعدم التعميم في تحميل الجاليات وزر أفعال فردية