في إطار استهداف الحقوقيين، واستمرار الاعتقالات الممنهجة في الجزائر، قام النظام العسكري باعتقال مجموعة من النشطاء تزامنا مع الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية، خلفت هذه الاعتقالات إستياء كبير وتنديد من طرف المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني.
رغم المسرحية التي قام بها النظام العسكري الجزائري، حيث وقع عبد المجيد تبون يوم الخميس 31 أكتوبر، مرسوما رئاسيا يشمل عفوا عمن وصفهم المرسوم بالسجناء المحكوم عليهم في القضايا المخلة بالنظام العام، بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية في الجزائر.
هذا، المرسوم العفو شمل المحكوم عليهم نهائيا فقط، ولا يخص المحبوسين احتياطياً، وتم وضع شروطاً لمن يستفيد من هذا العفو من دون أن يحدد أسماء، وبدون أي إشارة إلى معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، لكن تلك الشروط جاءت لتستثني معتقلي الرأي الذين يقدر عددهم بـ 260 سجينا إضافة للسجناء السياسيين من فترة التسعينات الذين يقدر عددهم بـ 160 سجينا.
وقد استفاد فقط 18 معتقل رأي من إجراءات العفو، والذين تقاطعت تهمهم مع التهم غير المستثناة في مرسوم العفو الرئاسي. وفي مقدمتهم الصحفي ومدير موقع “راديو إم” إحسان القاضي والناشط الحقوقي محاد قاسمي.
وقد استثنى المرسوم، بشكل متعمد المحكوم عليهم بالإدانة في الجرائم المتعلقة بتهم التجمهر والتحريض عليه والأشخاص المحكوم عليهم بسبب ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم جرائم منصوص عليها في المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والمتعلقة بأعمال الإرهاب والتخريب.
وكذلك التهم التي تتعلق بالقيام بأفعالك، من شأنها المساسُ بأمن الدولة واستقرارها أو المساس بالوحدة الوطنية أو بالسلامة الترابية أو التحريض على ذلك. وتهم الإهانة أو الاعتداء على الموظفين أو مؤسسات الدولة. وتهم تتعلق بالتمييز وخطاب الكراهية، وهي تهم متابع بها أغلبُ معتقلي الرأي ضلما.
بالإضافة، استثنى المرسوم الأشخاص المحكوم عليهم بسبب ارتكابهم أو محاولة ارتكابهم جرائم منصوصٌ عليها في المرسوم التشريعي 92-03 المؤرخ في 30 سبتمبر 1992 والمتعلق بمكافحة التخريب والإرهاب، والذي متابعٌ بها جل المساجين السياسيين منذ فترة التسعينات.
وفي المقابل، تم إعتقال أعداد كبيرة من النشطاء، تم ايداعهم السجن، تزامنا مع الذكرى 70 للثورة التحريرية، في خطوة تؤكد استمرار القمع والاعتقالات التعسفية في الجزائر.
وفي هذا الإطار عبرت منظمة شعاع الجزائرية الحقوقية مقرها في بريطانيا، عن استيائها من استثناء معتقلي الرأي والمساجين السياسيين من مرسوم العفو.
وأضافت، بأن استمرار السلطات الجزائرية في اعتقال مواطنين جدد بتهم سياسية آخرها، وإيداع الناشط الحقوقي أيوب عزاوي الحبس الاحتياطي عشية الاحتفال بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية، واستمرار انكارها لوجود معتقلي رأي.
مع تجاهلها واستهانتها بمناشدات المنظمات الحقوقية للإفراج عن معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، في ظلّ الحديث عن “حوار وطني”، يؤكد غياب أي نية أو إرادة سياسية لتحسين حالة حقوق الإنسان أو الإفراج عن كل معتقلي الرأي والمساجين السياسيين.
وتؤكد منظمة شعاع لأنباء إكسبريس، بأن السلطات الجزائرية، تبرهن مرة أخرى بأنها لا تزال ملتزمة بسياسة عدم التسامح مطلقًا مع المعتقلين بتهم سياسية. وتدحض أية مصداقية لدعوة عبد المجيد تبون لفتح حوار وطني شامل مع جميع القوى الوطنية في البلاد.
كما إستنكرت منظمة شعاع استمرار السلطات الجزائرية لسياسة القمع، وتطالب بوقف التضييق على الحريات وإنهاء الاعتقالات في صفوف الناشطين والمعارضين والملاحقات القضائية بحقهم، والإفراج عن معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، وفتح حوار سياسي جاد، لأن حل الأزمات المتعددة التي تواجهها الجزائر اليوم يتطلب انفتاح سياسي واعلامي حر.
وجدير بالذكر، بعد شهر ونصف من العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون، تتواصل حملة الاعتقالات بشكل مكثف وعنيف، مما تؤكد عدم جدية السلطات الجزائرية في إجراء الحوار الوطني كما تدعي.