في ظل ما تعتبره مدريد تطورات استراتيجية متسارعة، كثفت القوات المسلحة الإسبانية من حضورها العسكري في مدينتي سبتة ومليلية، في إطار عمليات دائمة للوجود والمراقبة والردع، خاصة مع استمرار ما تسميه “التحركات الصامتة” للمغرب بشأن مطالب السيادة على المدينتين المحتلتين.
وقد أعلن رئاسة الأركان العامة للدفاع عن انتشار وحدات من الفوج التكتيكي في سبتة، إلى جانب جنود من فوج الفرسان “ألكانتارا 10” في مليلية، حيث نفذت هذه القوات خلال الأسبوع الماضي دوريات ميدانية واستطلاعًا ومهام سيطرة لضمان أمن السكان وحماية “الأراضي الوطنية”، بحسب التعبير الرسمي.
وتأتي هذه التحركات العسكرية في أعقاب نشاط سياسي غير مسبوق في المغرب أواخر عام 2024، حين عقدت نحو مئة جمعية مغربية اجتماعًا بمدينة بني أنصار، وأعلنت تأسيس ما سمي بـ”اللجنة من أجل تحرير سبتة ومليلية”، في خطوة أعادت إحياء المطالب التاريخية المغربية بشأن السيادة على المدينتين الخاضعتين للاحتلال الإسباني منذ قرون.
وفي سياق متصل، تزامن هذا الانتشار العسكري مع هجوم سيبراني كبير استهدف البنية التحتية الرقمية للإدارة المحلية في مليلية، ما أدى إلى تعطيل تام للخدمات الإلكترونية منذ سبعة أيام، وسط أنباء عن طلب فدية مالية من القراصنة المسؤولين عن الاختراق.
من جهة أخرى، شاركت وحدات من قيادات المناطق العسكرية في جزر البليار وسبتة ومليلية بين 19 و25 مايو الماضي في تدريبات ميدانية مكثفة بقاعدة “ألفاريز دي سوتومايور” في محافظة ألميريا، ضمن المرحلة الثانية من مناورة Rusadir I/25، وهي مناورات تستهدف رفع الجاهزية الميدانية والاستعداد السريع لمواجهة أي تهديدات محتملة.
ويذكر أن الفوج التكتيكي بسبتة يتبع للقيادة العامة بالمدينة، ويعمل تحت إشراف القيادة البرية العملياتية، ويضم وحدات النخبة مثل “كتيبة النظاميين رقم 54″، و”فرقة الدوق ألبا الثانية من الفيلق”، و”فوج الفرسان مونتيسا رقم 3″، وهي قوات تُعرف بتدريبها العالي وانتشارها السريع.
تأتي هذه التحركات العسكرية والإدارية حسب مصادر إسبانية، في وقت حساس سياسيًا، وسط تصاعد الإشارات إلى تصدع صامت في العلاقات المغربية–الإسبانية، لا سيما في ملف المدينتين المحتلتين، رغم الخطاب العلني الذي يسعى إلى إظهار التنسيق الدبلوماسي بين الطرفين.