اتخذت الحكومة العراقية قراراً لافتاً بتجميد أموال أفراد وكيانات مدرجة على قوائم الإرهاب، من بينها جماعة الحوثي في اليمن و«حزب الله» اللبناني، في خطوة اعتبرتها دوائر مراقبة دليلاً على تحوّل تدريجي في طريقة تعامل بغداد مع النفوذ الإيراني المتشعب داخل البلاد.
ورغم أن القرار يندرج في إطار قانوني ومالي، إلا أنه يحمل رسائل سياسية واضحة في لحظة تشهد اشتداداً في الصراع الإقليمي على النفوذ بين واشنطن وطهران.
ويأتي هذا الإجراء وسط ضغوط أميركية متزايدة تستهدف تقليص قدرة طهران على تمويل حلفائها الإقليميين، بعد سلسلة نكسات تعرضت لها جماعات مرتبطة بها في لبنان وغزة.
وترى واشنطن في الخطوة العراقية إشارة إيجابية على مواءمة أكبر مع سياستها في مكافحة تمويل الجماعات المسلحة، بينما تعتبر طهران القرار تحدياً غير مباشر لنفوذها المتجذر في المشهد العراقي.
ورغم أن بغداد دأبت على اتباع سياسة توازن دقيقة بين الطرفين، إلا أن إدراج كيانات مرتبطة بإيران على لائحة الإرهاب يكشف رغبة حكومية في إعادة ضبط حدود الدور الإيراني دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
وتُعد الخطوة أيضاً رسالة داخلية للفصائل المسلحة النافذة بأن الدولة تسعى إلى تعزيز سيادتها على الموارد والمؤسسات، وإحكام الرقابة على حركة الأموال العابرة للحدود.
إقليمياً، قد يشجع القرار عواصم أخرى على تبنّي إجراءات مشابهة ضد شبكات التمويل المرتبطة بالجماعات المتحالفة مع إيران، في ظل تغيّر مواقف عدد من الدول تجاه سياسات طهران. كما يمنح بغداد فرصة لتعزيز صورتها كشريك ملتزم بالمعايير الدولية في مجال مكافحة الإرهاب والتمويل غير المشروع.
ومع أن تجميد الأصول المالية لا يكفي وحده لإعادة تشكيل موازين القوى داخل العراق، وفق مراقبين، إلا أنه يشكّل خطوة عملية في مسار طويل لإعادة بناء سلطة الدولة وتقليص نفوذ المجموعات المسلحة، بينما يبقى التحدي الأكبر مرتبطاً بقدرة الحكومة على تنفيذ القرار وسط تعقيدات داخلية وإقليمية متشابكة.
