تقاريرحديث الساعة
أخر الأخبار

أزمة مفتوحة بين الجزائر ومالي: أجواء مغلقة واتهامات بـ”رعاية الإرهاب” تنذر باندلاع الحرب

وفق تقارير استخبارتية دولية تؤكد بأن مالي ستعلن الحرب على الجزائر قريبا، إذا لم تلتزم الجزائر الحياد..

الوضع أصبح كارثي بكل المقاييس، لقد دخلت العلاقات الجزائرية المالية منعطفًا جديدًا وحادًا، غير مسبوق بعد أن أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام جميع الرحلات القادمة من وإلى مالي، في خطوة تصعيدية تعكس عمق الأزمة المتفاقمة بين البلدين.

هذا التصعيد جاء في سياق إقليمي مضطرب ومشحون يزداد فيه التنافس على النفوذ في منطقة الساحل الإفريقي.

للإشارة، هذه الخطوة التي أقدم عليها النظام العسكري الجزائري، جاءت في أعقاب حادثة إسقاط طائرة مسيّرة مالية قرب الحدود المشتركة، والتي فجّرت توترًا غير مسبوق بين الجارتين، وقد سبق لأنباء إكسبريس أن أشارت إلى هذا التصعيد المرتقب في أكثر من مرة.

وأكدنا بأن إسقاط درون تركي مسلح هو مؤشر خطير على أن الجزائر قررت إنهاء مرحلة الصمت والحياد الرمادي، وبدء تطبيق قواعد اشتباك جديدة في الفضاء الإقليمي.

وبأن هذا الحدث، سيؤدي لا محالة إلى استدعاء السفير الجزائري بباماكو من طرف السلطات المالية بل قد يؤدي إلى استدعاء السفير المالي بالجزائر الذي عين مؤخراً في هذا المنصب.

كما أن السلطات المالية أعلنت بشكل رسمي، متهمة الجزائر بدعم الجماعات الانفصالية الإرهابية المسلحة، في سابقة تعكس عمق التوتر القائم بين البلدين.

وأكثر من هذا وفق تقارير استخبارتية دولية تؤكد بأن مالي ستعلن الحرب على الجزائر قريبا، إذا لم تلتزم الجزائر الحياد.

وحسب نفس التقارير تفيد بأن العديد من الدول الأفريقية ستقوم بالتضامن مع مالي وعلى رأسها دولة السنغال والكوت ديفوار بالإضافة إلى دول الساحل النيجر وبوركينا فاسو..

بداية الشرارة

الحادثة التي وقعت الأسبوع الماضي، والمتمثلة في إسقاط الدفاع الجوي الجزائري لطائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي، فتحت الباب أمام تبادل اتهامات خطيرة وغير مسبوقة بين البلدين.

فبينما تؤكد الجزائر أن الطائرة اخترقت مجالها الجوي، وتدّعي أنها تحركت لحماية سيادتها، ذهبت السلطات المالية إلى حد وصف الحادث بأنه “عمل عدائي مُدبَّر”، وبأن النظام الجزائري يقوم بـ”رعاية الإرهاب” في المنطقة.

مالي قررت التصعيد بعد حصولها على الضوء الأخضر، في بيان شديد اللهجة صدر عن وزارة الخارجية المالية، اتهمت الجزائر بشكل مباشر بـ”رعاية وتصدير الإرهاب”، وهذا يعتبر اتهام نادر وخطير في سياق العلاقات بين البلدين، ورفضت مالي التفسير الجزائري بشأن اختراق الطائرة للمجال الجوي بشكل قطعي، معتبرة ذلك مجرد ذريعة.

البيان المالي التصعيدي يمكن اعتباره بداية نقطة اللاعودة، حيث وضع الجزائر في موقف حرج، لاسيما أن الرد الجزائري اقتصر على وصف تلك الاتهامات بأنها “لا تستحق الرد”، و”تفتقر إلى الجدية”، دون الخوض في تفاصيل إضافية، في ما بدا أنه تكتيك لاحتواء التصعيد دبلوماسيًا دون التراجع عن الخطوات الميدانية.

كما أن الحكومة المالية ترفض الرواية الجزائرية، وتدين ما تعتبره خرقًا واضحًا لروح حسن الجوار، وتصعيدًا يهدد الأمن الإقليمي.

لكن في المقابل قررت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام مالي، الذي يعيد للأذهان قرارًا مماثلًا اتخذته في وقت سابق بشكل أحادي ضد المملكة المغربية، مما يؤشر إلى سياسة جزائرية جديدة تقوم على “الضغط الجوي” كوسيلة دبلوماسية عقابية، لكن في حقيقة الأمر هو غباء سياسي.

الجزائر وقعت في الفخ لأن إغلاق المجال الجوي مع مالي في هذه الحالة له كلفة كبيرة، الجزائر هي في حاجة مستمرة لتنسيق أمني مع دول الساحل، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية وتزايد نشاط الجماعات المسلحة على الحدود، الذي يشكل خطر على المنطقة المغاربية الإفريقية ومنطقة البحر المتوسط.

تداعيات إقليمية محتملة

هذه الأزمة لها تداعيات كبرى لا تقتصر على خلاف ثنائي، بل تُنذر بمزيد من التوتر في منطقة الساحل التي تشهد أصلاً اضطرابات عميقة وتحولات استراتيجية، خصوصا مع صعود نفوذ أطراف جديدة قوية مثل روسيا وتركيا.

كما قد تؤثر هذه الأزمة المفتوحة على أي جهود مستقبلية لإحياء اتفاق الجزائر للسلام في مالي، والذي بات هشًا ومهددًا أكثر من أي وقت مضى.

علاقات على حافة القطيعة الشاملة، الخلاف الحالي بين الجزائر ومالي يعكس فقدانًا عميقًا للثقة، وتحول الجزائر من وسيط إقليمي إلى طرف متّهم، بشكل كبير أمام الرأي العام الدولي.

وإذا لم يتم احتواء هذه الأزمة بشكل سريع، فإن تداعياتها قد تتجاوز البلدين لتؤثر على أمن الساحل برمّته، في وقت تعيش فيه المنطقة على وقع تصدعات جيوسياسية عميقة، مما سيعجل باندلاع الحرب.

وجدير بالذكر لابد من الإشارة، بأن هذا التوتر يأتي في وقت تعيد فيه دول الساحل تشكيل تحالفاتها بعد انسحاب فرنسا، وبروز روسيا كلاعب أمني، خصوصًا في مالي من جانب آخر، يزداد كذلك التعاون بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

هذا ما أغضب الجزائر التي تُستبعد أكثر فأكثر من معادلة التأثير، في ظل فقدان الثقة وخطابها التقليدي المبني على الوساطة وعدم التدخل.

كما أن اتفاق السلام الموقع سنة 2015 في العاصمة الجزائرية بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية كان يُفترض أن يُشكل حجر الأساس لاستقرار الشمال المالي.

لكن بانسحاب الفصائل الأزوادية من الاتفاق وتصاعد الأعمال العسكرية، فقد الاتفاق فعاليته، بل وأصبح مصدر خلاف بين الجزائر وباماكو بشكل واضح.

مما دفع مالي بأن ترى الجزائر، قد تجاوزت دور الوسيط وتحولت إلى طرف منحاز، بينما النظام الجزائر يحاول الدفاع عن هذه الخطوة بكونها “محاولة لإحياء الاتفاق ومنع الانفجار الكامل للوضع في الشمال”.

لهذا الأزمة بين الجزائر ومالي ليست مجرد نزاع دبلوماسي عابر، بل يعكس خللًا أعمق في بنية العلاقات الإقليمية بالساحل، وهو يدق ناقوس الخطر وطبول الحرب.

وفي خطوة جديدة تتخلى النيجر عن خط الغاز، وتوجه صفعة جديدة لمشروع الجزائر الإقليمي، حيث تكشف عن تحولات جذرية في خارطة التحالفات الإقليمية، إنسحاب النيجر رسميا من مشروع “خط الغاز العابر للصحراء” يهدد مصير المشروع الطموح الذي رُوج له لعقود كحل استراتيجي لتزويد أوروبا بالغاز الإفريقي.

https://anbaaexpress.ma/3qge3

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي خبير في الشأن المغاربي مدير عام أنباء إكسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى