جنيف – أنباء إكسبريس
احتضنت مدينة جنيف السويسرية لقاء رفيع المستوى حول الإشكالات المرتبطة بحق عودة اللاجئين والنازحين تحت عنوان “الحق في العودة”، كحق إنساني لا يمكن التنازل عنه، وذلك على هامش فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأربعاء 25 يونيو 2025.
تعكس هذه الخطوة الجديدة لتجمع من منظمات المجتمع المدني ضمت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان ومنظمة ماعت للسلام والمنتدى الكناري الصحراوي ومؤسسة بريس وونغ ومنظمة نساء في التجارة الدولية ومرصد الصحراء للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومركز دراسات السلام والمصالحة، وعيا جماعيا بضرورة تكثيف الجهود المدنية للضغط على الحكومات وأصحاب المصلحة الاخرين من اجل حماية وتعزيز حقوق الانيسان لكل فئات بما في ذلك اللاجئين والنازحين وعديمي الجنسية.
ترنو تلك الندوة الى تسليط الضوء على التجربتين الفلسطينية والصحراوية، من خلال فحص وتحليل التحديات التي تعوق التمتع بحق العودة وتحرم المجتمعات من أي تقدم سيأثر إيجابا على الحقوق والحريات، حيث يظل حق العودة من أكثر الحقوق تعرضا للانتهاك.
وقد عالج اللقاء الميسر من طرف الأستاذ مولاي لحسن الناجي المدافع عن حقوق الانسان ورئيس الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، أسباب تعثر الجهود الدولية لتيسير حق العودة للاجئين الفلسطينيين والمحتجزين الصحراويين ودراسة إمكانيات إزالة الظروف المحفوفة بالمخاطر، وجعلها اهتماما وتوجها حيويا في السياسة الدولية والجهود الإنسانية، واستكشاف دور الترسانة القانونية الدولية في حماية هذه الفئات.
مخيمات تندوف: الانتهاكات تتواصل والحق في العودة مصادر
ركزت أغلب المداخلات على الوضع المأساوي في مخيمات تندوف، حيث اعتبر محمد شكري غوزيل أن ما يحدث هناك هو إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها جماعة مسلحة غير حكومية، في إشارة إلى جبهة البوليساريو.
وأكد أن الصحراويين قد تم ترحيلهم قسريا إلى هذه المخيمات، وأن إدراج قضية الصحراء في إطار “تصفية الاستعمار” من قبل الأمم المتحدة كان خطأً قانونيا وسياسيا، كما وصف اعتراف الاتحاد الإفريقي بـ” الجمهورية الصحراوية الوهمية” بأنه خرق لميثاق الأمم المتحدة، وطالب بضرورة منح الصحراويين صفة اللاجئ كمركز قانوني يستجيب لمتطلبات الاتفاقية الدولية لوضع اللاجئين للعام 1951 وبرتوكول وضع اللاجئين لسنة 1967.
من جهتها، نددت السيدة كجمولة بوسيف رئيسة مرصد الصحراء بالوضع الكارثي للنساء الصحراويات داخل المخيمات، اللواتي يعانين من الزواج القسري والعنف الجنسي وانعدام حرية التعبير والحق في التعليم، مؤكدة أن ما يسمى بـ ” برنامج عطل من اجل السلام” يعد أداة دعائية لفصل الأطفال عن عائلاتهم، وانسلاخهم من ثقافتهم وخلفيتهم الحضارية والدينية والهوياتية.
وفي مجال رصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المرتكبة بمخيمات تندوف، عرض الأستاذ إغناسيو أورتيز حالات موثقة لتلك الممارسات في هذه المخيمات، والتي شملت الاختفاءات القسرية، والتعذيب وعمليات الاعتقال التعسفي، متهما في الان نفسه الدولة الجزائرية بالتواطؤ عبر تفويضها الكامل لإدارة هذه المنطقة من قبل جبهة مسلحة غير معترف بها دوليا، داعيا إلى إجراء إحصاء دولي شفاف والعمل على ضمان العودة الحرة إلى المغرب.

فلسطين: بين التشريد وإعادة الإعمار
وعلاقة بالمسار الفلسطيني، تطرق الأستاذ أيمن عقيل إلى الوضع الإنساني الكارثي في غزة، المتسم بارتكاب إبادات جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتجويع وتهجير قسري وتدمير كلي للبنى التحتية ولكافة مظاهر الحياة بقطاع غزة.
مشددا على أن حق في عودة للفلسطينيين الى أرض فلسطين، يعد حقا غير قابل للتصرف، داعيا إلى إعادة إعمار القطاع بشكل يضمن استنبات شروط كريمة للحياة بعد مشاهد الدمار والموت المروعة، وبدء مسار للمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب قائم على العدالة والشفافية والامتثال للقانون الدولي الإنساني ولقواعد القانون الجنائي الدولي.
تجارب عالمية حول اللجوء والكرامة
شارك السيد بريس وونغ، تجربته الشخصية كلاجئ من كمبوديا إلى أستراليا، حيث استطاع رغم المعاناة أن يؤسس لاحقا مؤسسة إنسانية فاعلة في آسيا، وبدأ بتوسيع أنشطتها لدعم المنظمات المدنية والانسانية في إفريقيا، مؤكدا في كل مناسبة على أن التعليم هو السبيل الأقوم لضمان كرامة اللاجئين، مناديا بضرورة بناء جسور بين المجتمعات وعدم الاكتفاء بالخطابات.
ومن جانب اخر، ركزت الأستاذة هوليا كورت، رئيسة منظمة نساء في التجارة الدولية، على تعرض اللاجئين للإذلال والتهميش والانتقاص من الكرامة، مطالبة المنتظم الدولي بتكثيف الجهود لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، غيرها انها شددت أيضا على ضرورة تبني سياسات إدماج طويلة الأمد، مؤكدة على أهمية تمكين النساء اللاجئات، ودور المجتمع المدني في الدفاع عن حقوقهن.
خاتمة مؤثرة عبر الصور
اختتمت ندوة الحق في العودة المنظمة على هامش أشغال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الانسان الاممي، بعرض شريط فيديو مؤلم تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر صحراويين يحاولون الفرار من مخيمات تندوف نحو المغرب، وطنهم الأم، عقب مجزرة 9 أبريل 2025 المنفذة من قبل الجيش الجزائري ضد صحراويين مدنيين عزل يمتهنون التنقيب التقليدي عن الذهب.
حيث يسمع في المقطع المعروض توسل مدنيين صحراويين لجنود جزائريين بعدم إطلاق النار عليهم، مطالبين بصوت عال برغبتهم وحقهم في العودة إلى المغرب، مجسدين في الان نفسه عبر هذه المشاهد الناطقة صرخة إنسانية تكشف قساوة المعاناة والرغبة المتزايدة في التحرر والكرامة.
تعليق واحد