بقلم: عفاف خلف.. روائية فلسطينية
ياغريبة،،
سأزيل عن دفتري ما تجعد من ورقٍ أحرقه الصيف، سآتيك وحبري بدواةِ قلبٍ لم تضخ شرايينها سوى لحب. آتيكِ مثقلاً بما كان، بما سيكون..
البارحة حين هزمني صوتي التجأتُ إليكِ، أبحثُ في جدرانك عن ” حفرٍ ” لي لأطبع روحك بروحي، كانت حجارتك حياة وبعد لم تدب في شراييني الحياة.
كنتُ غراً لم يكبرُ على حقل صدر، ولم يندفق من راحتيّ زهر اللوز، ولا تفتق على خاصرة أنثى ياسمينه، جئتكُ ملتاثاً بالعمى والحاجة. أتعرفين ما هي الحاجةُ يا غريبة!! أنت التي غرست جذور صخورك في أرواحنا فكان نزعك من أرواحنا كنزع ضرسٍ بجراحةٍ عنيدة يترك في الروح خدراً وندوباً تختم الروح بالحرمان.
أتعرفين ما معنى الحرمان!
سأحكي لك حكاية الزعتر، تلك الهشاشة التي تغزونا برائحةٍ نفاذّة حتى تغيم فينا العروق، تلك الأوراق الناعمة المخمل يشد نعومتها عودٌ صلب تسميه غصناً فتزهر عليه يراقاتٍ خضراء حتى يُتم الله عليها فتتفتح فراشاتٍ سريعة العطب. كل شعبٍ هو زعتر أخضر، كل غصنٍ وطن، فكيف صار الغصن حبلاً والوطن أعواد مشانق!! كيف صار الوطن “حبلَ غسيلٍ ” نعلق عليه فقرنا، وقرفنا، وأمراضنا / أكوام النفايات / القطط السمان / ترهلات النساء اللاتي يبحثن عن عمر مسروق في بالوعات محطات التجميل أو التزييف/ حفر الشارع / الخيام / الكثير من الخيام / الشباب العاطل تحمصّه الشمس / فولاذ الأسلاك الشائكة تمزق لحم ” القاطن ” في وطنٍ كأنه مصيدة، صار الوطن مصيدةً يا غريبة.
صبي على رأسي الشمس، حمصيني أنا ” مولودك ” البكر، وكبرتُ كي أناغيك بوطن فكيف تقطعين رأسي خوفاً من أن تصير لي جبهة! كيف تبترين ذراعيّ خوفاً من امتشاق بندقية! كيف تهشمين ساقيّ لئلا تختلط في قواميسي الأحزاب فتسميني ” حزباً واحداً ” حزب السلطة!
يا غريية،، رأسي مثقلٌ بكِ وقد أتيتك كي أتوب، أعطيك عيني فجدي دربك، لساني فاختاري نشيدك، شراع صدري فقودي الدفة ووقود جسدي فاشتعلي لأصير ” مواطن “.
يا غريبة،،،