آراءسياسة
أخر الأخبار

الصفقات العسكرية لأوكرانيا: استمرار الحرب أو إنهائها؟ مصالح كل الأطراف

مع دخول الحرب الأوكرانية عامها الثالث، لم تعد الصفقات الأمريكية للأسلحة مجرد دعم تقني، بل أداة استراتيجية تحدد مسار النزاع ومستقبل المنطقة.

الصفقة الأخيرة، التي بلغت قيمتها نحو 100 مليار دولار، تتقاطع مع مصالح عدة أطراف: الولايات المتحدة، روسيا، أوكرانيا، وأوروبا، كلٌ وفق أهدافه السياسية والاقتصادية والعسكرية.

اللقاء الأخير بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بعد قمة ألاسكا، سلط الضوء على إمكانيات تحريك الملف نحو تسوية أو استمرار الحرب، بما يتوافق مع المصالح الروسية والأوروبية والأوكرانية.

مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية

ترامب يتعامل مع الأزمة وفق رؤيته المعروفة بـ”أمريكا أولًا”. استمرار النزاع يضمن للشركات الأمريكية الكبرى تحقيق أرباح من بيع الأسلحة، كما يمنحه ورقة ضغط سياسية واقتصادية، بينما إنهاء الحرب قد يسمح له بالتركيز على ملفات استراتيجية أخرى مثل الصين، مع محاولة استباق الضغوط الداخلية المرتبطة بالملفات القانونية والسياسية المفتوحة أمامه.

الولايات المتحدة بهذا توازن بين المكاسب الاقتصادية والسياسية وبين الحاجة لاستقرار أمني عالمي.

مصلحة روسيا الاتحادية

روسيا، من جانبها، تسعى إلى حماية نفوذها الإقليمي ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. على الرغم من سيطرتها على شبه جزيرة القرم ومناطق واسعة في شرق وجنوب أوكرانيا، فقد أبدى الرئيس بوتين استعدادًا للتفاوض حول بعض الأراضي في مقابل ضمانات أمنية استراتيجية.

هذه المرونة المحتملة تأتي ضمن سعي روسيا لتحقيق مكاسب أكبر من مجرد السيطرة العسكرية، مع مراقبة دقيقة للخطوات الأوروبية والأمريكية لضمان حماية مصالحها طويلة المدى.

مصلحة أوكرانيا وأوروبا

أوكرانيا، رغم الدعم العسكري الكبير من أمريكا وأوروبا، لم تتمكن حتى الآن من تحقيق اختراقات ميدانية حاسمة، مما يضع الأوروبيين أمام مأزق سياسي واقتصادي أمام النفوذ الروسي المتنامي.

المخاطر الأوروبية تتمثل في استنزاف الموارد، وتزايد الضغوط الأمنية، واضطرار دول الاتحاد إلى اتخاذ مواقف متوازنة بين استمرار الحرب أو الضغط نحو تسوية محتملة.

التركيز على القرم والمناطق الأخرى

المجتمع الدولي يولي اهتمامًا خاصًا لشبه جزيرة القرم، بينما تتجاهل بعض التحليلات باقي الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في شرق وجنوب أوكرانيا.

عرض بوتين بالتخلي عن بعض المناطق مقابل ضمان عدم انضمام أوكرانيا للناتو يوضح أن موسكو تبحث عن استقرار استراتيجي أكثر من السيطرة المادية فقط، وأنها مستعدة لتقديم تنازلات محسوبة للحفاظ على مصالحها الإقليمية.

سيناريوهات مستقبل النزاع

1. استمرار الحرب: يحقق هذا السيناريو مكاسب اقتصادية وسياسية لأمريكا من خلال صفقات الأسلحة، بينما تظل أوروبا في حالة ضغط مستمر، وتواصل روسيا تعزيز مواقعها الاستراتيجية تدريجيًا.

2. تسوية جزئية: قد تشمل التراجع عن بعض الأراضي مع ضمانات بعدم انضمام أوكرانيا للناتو، وهو خيار يوازن بين مصالح روسيا وأمن أوكرانيا، ويمنح ترامب الفرصة للتركيز على الملفات الكبرى مثل الصين.

3. حل شامل: في حال توصل جميع الأطراف إلى اتفاق شامل، سيشمل إعادة رسم خريطة النفوذ بطريقة تحفظ المصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية لكل طرف، مع ضمان استقرار أوكرانيا الداخلي والأوروبي، لكن تحقيق هذا السيناريو يتطلب تنازلات كبيرة ومفاوضات دقيقة.

خلاصة: صفقة الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا لم تعد مجرد دعم تقني، بل تحولت إلى أداة لتحديد مستقبل النزاع.

مصالح كل طرف تتداخل وتتناقض: الولايات المتحدة تسعى لتحقيق المكاسب الاقتصادية والسياسية، روسيا تسعى لضمان نفوذها الإقليمي وأمنها الاستراتيجي، وأوكرانيا تبحث عن حماية أراضيها ومصالحها بمساعدة أوروبا.

المستقبل قد يشهد استمرار النزاع، أو تسوية جزئية، أو حل شامل، وكل خيار يحمل تداعيات كبيرة على الأمن الأوروبي والدولي، وعلى الموازين الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا.

في أحدث تحرك دبلوماسي، استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، في لقاء اتسم بالهدوء والتفاهم، خلافًا للزيارة السابقة التي شهدت توترات حادة.

وحضر الاجتماع عدد من القادة الأوروبيين، الذين أظهروا رغم اختلافاتهم وحدة غير مسبوقة في دعم أوكرانيا، محاولين دفع ترامب لتبني موقف واضح ضد روسيا.

وفي خطوة لافتة، ألمح ترامب لاحقًا إلى إمكانية عقد قمة ثلاثية تضم أيضًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط ترحيب جزئي من بعض الأطراف الأوروبية، فيما تبقى التفاصيل المتعلقة بالضمانات الأمنية وتبادل الأراضي مثار جدل واسع، يطرح تساؤلات حول جدوى هذه المبادرة واستدامتها.

https://anbaaexpress.ma/2twqq

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى