هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة في العلاقات المغربية – الجزائرية، عنوانها فتح الحدود وإحياء الاتحاد المغاربي؟
تبدو المؤشرات السياسية والدبلوماسية والإنسانية اليوم أكثر إيجابية من أي وقت مضى، بما يعزز فرضية عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين الجارين.
التطورات الدبلوماسية والسياسية
ففي أكتوبر 2025، أعلن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، إلى جانب مستشار الشؤون الإفريقية مسعد بولس، عن جهود أمريكية مكثفة لإبرام اتفاق سلام بين المغرب والجزائر خلال 60 يوماً.
وأكد ويتكوف وجود فريق أمريكي خاص يعمل على هذا الملف، متوقعاً التوصل إلى اتفاق، فيما أشار بولس إلى انفتاح الجزائر على إعادة بناء جسور الثقة ودعم حل جذري ونهائي لقضية الصحراء المغربية، في انسجام مع المقترح المغربي للحكم الذاتي، وفق ما نقلته وسائل إعلام دولية.
وجاءت هذه التطورات عقب قرار مجلس الأمن الأممي 2797 الذي أكد بوضوح أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل الحل الواقعي وذا المصداقية للنزاع الإقليمي المفتعل، مع إقبار أطروحة “تقرير المصير” التي أثبتت وهمها وفشلها.
أما في البعد الإقليمي والاقتصادي، تراهن واشنطن على وساطة شاملة تشمل أيضاً ملف الطاقة، خاصة خط أنابيب الغاز عبر المغرب، في ظل مصالح اقتصادية أمريكية وأوروبية كبرى بالمنطقة، وحاجة شمال إفريقيا إلى تكامل اقتصادي يخدم قرابة 278 مليون نسمة.
كما عزز الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس هذا المنحى، من خلال رسائل التطمين الموجهة إلى القيادة الجزائرية، والتأكيد الصريح على عمق الروابط الأخوية مع الشعب الجزائري.
الروابط الإنسانية
وعلى المستوى الشعبي والإنساني، شكلت كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب لحظة فارقة، حيث حظي المنتخب الجزائري وجماهيره باستقبال مميز، عبّر عنه لاعبون وإعلاميون جزائريون، مشيدين بحسن الاستقبال، وجودة البنية التحتية، وروح الأخوة.
ومن بينهم اللاعب الجزائري “رياض محرز”، الذي نوه بحسن الترحيب من طرف المغرب والمغاربة، وهو ما اعتُبر تجسيداً عملياً لخطاب الملك، قولاً وفعلاً.
وفي السياق ذاته، أكد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن المغرب يرحب بالجزائر وشعبها في “بلدهم الثاني”، مشدداً على أن ما يجمع البلدين أعمق من الخلافات السياسية.
كما كشفت أجواء كأس العرب 2025 بقطر الأخيرة عن عمق التلاحم الشعبي المغربي – الجزائري، حيث أكدت الجماهير أن الروابط التاريخية والإنسانية أقوى من كل الخلافات الظرفية.
جدير بالذكر، نحن أمام لحظة مفصلية نادرة، تتقاطع فيها الإرادة الدولية مع الواقعية السياسية والتقارب الشعبي.
فهل تنجح هذه المعطيات في كسر جدار القطيعة وفتح صفحة جديدة لمغرب كبير موحد، يخدم استقرار وتنمية المنطقة؟




