رفعت القاهرة من لهجتها تجاه أديس أبابا، محذّرة من أن أي تحركات مستقبلية لبناء سدود جديدة على نهر النيل ستُقابل برد حازم، في موقف عبّر عنه وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، واصفًا الأمن المائي لبلاده بأنه مسألة وجود لا تقبل المساومة.
وخلال حديث إعلامي، شدّد عبدالعاطي على أن نهر النيل يشكّل العمود الفقري للحضارة المصرية، وليس مجرد مورد طبيعي، مؤكّدًا أن إدارة المياه كانت دائمًا عنصرًا حاسمًا في استقرار الدولة عبر التاريخ. وأوضح أن مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن سد النهضة بلغ نهايته، بعد سنوات طويلة من المحادثات التي لم تفضِ، بحسب تعبيره، إلى أي التزام حقيقي أو نتائج ملموسة.
وأكد الوزير أن القاهرة لم تعد مستعدة للاستمرار في مفاوضات تفتقر إلى الجدية، معتبرًا أن النهج الإثيوبي القائم على فرض الوقائع على الأرض ينسف أسس الثقة ويقوّض فرص التوصل إلى اتفاق متوازن. وأضاف أن أي مساس بحصة مصر المائية سيُنظر إليه باعتباره تجاوزًا غير مقبول للخطوط الحمراء.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواصل فيه مصر مطالبتها باتفاق قانوني ملزم ينظم إدارة مياه النيل وسد النهضة، بما يضمن مصالح الدول الثلاث المعنية: مصر والسودان وإثيوبيا، وهو ما تصطدم به الرؤية الإثيوبية التي تعتبر المشروع شأنًا سياديًا خالصًا لا يخضع لقيود خارجية.
وفي سياق إقليمي أوسع، أشار عبدالعاطي إلى مشاركة مصر في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، مؤكدًا أن هذا الدور يتم بطلب رسمي وفي إطار دعم الاستقرار، دون نية للانخراط في مسارات عسكرية خارج التفويض الإفريقي.
ويرى مراقبون أن الخطاب المصري يجمع بين التصعيد المدروس والحرص على إبقاء المسار الدبلوماسي مفتوحا، في محاولة لزيادة الضغط على إثيوبيا من دون إغلاق أبواب الحل السياسي. غير أن تعثر المفاوضات واستمرار الخلاف يثيران مخاوف من دخول الملف مرحلة أكثر توترًا، في ظل اعتماد مصر شبه الكامل على مياه النيل كمصدر أساسي للحياة والتنمية.
ومع تصاعد التحذيرات، يبدو أن ملف السد مرشح لمزيد من التجاذب الإقليمي والدولي، وسط رهانات على ما إذا كانت لغة الحزم ستدفع نحو تسوية قانونية، أم ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع الدبلوماسي حول أحد أكثر الموارد حساسية في المنطقة.




