أعلنت السلطات التركية، الاثنين، مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة خلال عملية أمنية استهدفت خلية تابعة لتنظيم “داعش” في ولاية يالوفا شمال غربي البلاد، في واحدة من أكثر المواجهات دموية خلال ملاحقة التنظيم المتطرف في الفترة الأخيرة.
وأكد وزير الداخلية علي يرلي قايا أن العملية أسفرت أيضًا عن مقتل ستة من عناصر التنظيم، مشددًا على أن المواجهة جاءت في إطار حملة أمنية استباقية لمواجهة التهديدات الإرهابية.
ووفق ما أوردته وسائل إعلام رسمية، اندلعت الاشتباكات أثناء مداهمة منزل يُشتبه في استخدامه كمقر لعناصر مسلحة قرب ساحل بحر مرمرة، جنوبي إسطنبول، حيث بادر المسلحون بإطلاق النار على القوات الأمنية.
وأُصيب سبعة من أفراد الشرطة خلال العملية، إلا أن السلطات أكدت أن حالتهم الصحية مستقرة ولا تشكل خطرًا على حياتهم. كما جرى إرسال وحدات خاصة من ولاية بورصة لدعم العملية وتأمين المنطقة.
وتأتي هذه المواجهة بعد أيام من إعلان الشرطة التركية توقيف 115 شخصًا يُشتبه في انتمائهم لتنظيم داعش، على خلفية معلومات استخباراتية تفيد بتخطيطهم لتنفيذ هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة.
وأوضح الادعاء العام في إسطنبول حينها أن المخططات كانت تستهدف غير المسلمين بشكل خاص، في سيناريو يعيد إلى الأذهان هجمات دامية نفذها التنظيم داخل تركيا قبل نحو عقد، من بينها هجوم الملهى الليلي في إسطنبول والهجوم على مطار المدينة، واللذان أوديا بحياة العشرات.
في موازاة ذلك، دعت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية المواطنين إلى عدم الانسياق وراء ما يُتداول على منصات التواصل الاجتماعي بشأن العملية الأمنية في يالوفا.
وأكد مركز مكافحة التضليل أن بعض المنشورات المتداولة تتضمن معلومات غير دقيقة وتهدف إلى إثارة البلبلة وتقويض النظام العام، مطالبًا بالاعتماد حصريًا على البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المختصة.
سياق أمني أوسع
تعكس هذه التطورات استمرار التحدي الأمني الذي يمثله تنظيم داعش لتركيا، خاصة في ظل محاولات التنظيم إعادة تنشيط خلاياه النائمة مستفيدًا من بؤر التوتر الإقليمي، ولا سيما في سوريا والعراق.
وتتعامل أنقرة مع هذا الخطر باعتباره عابرًا للحدود، ما دفعها إلى تكثيف العمليات الاستباقية، وتشديد الرقابة الحدودية، وتعزيز التنسيق الاستخباراتي داخليًا وخارجيًا.
وفي المقابل، لا تزال بعض الاتهامات القديمة تطفو على السطح، خصوصًا تلك التي وُجهت إلى أجهزة تركية خلال سنوات الحرب السورية الأولى، بشأن غضّ الطرف عن أنشطة مرتبطة بالتنظيم، لا سيما في ملف تهريب النفط عام 2014، وهي اتهامات تنفيها أنقرة باستمرار.
في المحصلة، تؤكد العملية الأخيرة أن تهديد داعش، رغم الضربات التي تلقاها، لم ينتهِ بعد، وأن المواجهة معه باتت تتجاوز البعد الأمني المباشر لتشمل إدارة الرأي العام، ومكافحة التضليل، ومنع التنظيم من استغلال أي هشاشة إقليمية أو داخلية لإعادة فرض حضوره.




