الشرق الأوسطسياسة
أخر الأخبار

واشنطن تشن ضربات واسعة على مواقع “داعش” في سوريا وتفتح فصلاً جديداً من التنسيق الأمني

تحمل العملية الأميركية أبعاداً تتجاوز الرد العسكري المباشر، إذ تشكّل رسالة ردع مزدوجة لتنظيم “داعش” من جهة، وللفاعلين الإقليميين من جهة أخرى..

شنّت الولايات المتحدة، الجمعة، حملة جوية مكثفة استهدفت مواقع متعددة لتنظيم داع  في وسط سوريا، في عملية عسكرية واسعة عكست تحوّلاً لافتاً في طبيعة التنسيق الميداني بين واشنطن والسلطات السورية الجديدة، عقب هجوم دامٍ استهدف قوات أميركية قرب مدينة تدمر.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية بأن الضربات الجوية طالت عشرات الأهداف التي وصفتها بـ«النوعية»، شملت منشآت لوجستية، ومستودعات تسليح، ونقاط تمركز لعناصر التنظيم، مؤكدة أن العملية نُفذت بأمر مباشر من القيادة العليا، وفي توقيت متزامن عبر عدة محاور داخل العمق السوري.

وأوضح مسؤولون عسكريون أميركيون أن العملية اعتمدت على قدرات قتالية متنوعة، شملت طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وأنظمة نيران بعيدة المدى، في إطار ما وصفوه بـ«رد محسوب» على الهجوم الذي أودى بحياة جنود أميركيين الأسبوع الماضي.

كما أشاروا إلى مشاركة إقليمية داعمة على مستوى الإسناد اللوجستي، في رسالة واضحة بأن المواجهة مع التنظيم لا تقتصر على طرف واحد.

وفي موقف سياسي لافت، شدد وزير الدفاع الأميركي على أن العملية لا تمثل تصعيداً نحو حرب مفتوحة، بل تدخل في إطار الردع والقصاص، مؤكداً أن واشنطن ستواصل استهداف التنظيم أينما وُجد، كلما تعرضت قواتها للخطر.

من جهته، أعلن الرئيس الأميركي أن الضربات حظيت بدعم كامل من الحكومة السورية الحالية، واصفاً العملية بأنها «قاسية وفعالة»، ومؤكداً أنها استهدفت الجهات المسؤولة مباشرة عن الهجوم الأخير.

ويعكس هذا التصريح مستوى غير مسبوق من الانفتاح السياسي والأمني بين الطرفين، بعد سنوات من القطيعة والصدام غير المباشر.

وفي دمشق، أكدت وزارة الخارجية السورية أن مكافحة التنظيمات المتطرفة تمثل أولوية قصوى للدولة، مشددة على رفض أي وجود مسلح خارج إطار الشرعية، وعلى الاستعداد لمواصلة التنسيق مع الشركاء الدوليين لمنع عودة الجماعات المتشددة إلى المناطق التي تم تطهيرها.

ويأتي هذا التطور في سياق سياسي جديد تعيشه سوريا منذ تغيير القيادة العام الماضي، حيث بدأت ملامح شراكة أمنية محدودة بالظهور مع الولايات المتحدة، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس السوري الجديد إلى واشنطن، والتي وُصفت بأنها فتحت قنوات تواصل مباشرة في ملفات مكافحة الإرهاب.

رسالة ردع متعددة الاتجاهات

تحمل العملية الأميركية أبعاداً تتجاوز الرد العسكري المباشر، إذ تشكّل رسالة ردع مزدوجة لتنظيم “داعش” من جهة، وللفاعلين الإقليميين من جهة أخرى، بأن واشنطن ما تزال تحتفظ بقدرتها على التدخل السريع والحاسم في الساحة السورية. كما تعكس الضربات تحولاً في مقاربة الولايات المتحدة للملف السوري، يقوم على البراغماتية الأمنية بدل القطيعة السياسية، في ظل سلطة جديدة تسعى لإعادة التموضع دولياً.

وفي الوقت نفسه، تكشف العملية عن قلق أميركي متجدد من تنامي الخلايا النائمة للتنظيم في البادية السورية، وعن خشية من اختراقات أمنية داخلية قد تهدد القوات الأجنبية المنتشرة هناك.

وبينما تحقق الضربات أهدافاً تكتيكية آنية، يبقى الرهان الحقيقي على قدرة التنسيق الجديد بين واشنطن ودمشق على ترجمة هذا التقارب العسكري إلى استقرار أمني طويل الأمد، يمنع عودة التنظيم إلى واجهة المشهد.

https://anbaaexpress.ma/x06dt

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى