هي مهنة ضاربة الجذور في التاريخ المغربي، بدأ العمل بها قانونيا منذ سنة 1913، مارسها علماء وطنيون أجلاء، في فترة حرجة من تاريخ المغرب فترة ما يسمى بالحماية، حاول المستعمر الفرنسي اقتناء أراضي فلاحية شاسعة لتسهيل عملية الاستيطان و الاستعمار، أغروا بعض أصحاب الأراضي بمبالغ خيالية، و لكن جوبهوا بعدول رفضوا توثيق معاملاتهم..
حاولوا استمالتهم بمبالغ مالية خيالية فكان الرفض سيد الموقف، بحثوا عن حلول منها المصادقة على العقود فلم تنجح، فاهتدوا لسن قانون يخدم مصالحهم، رابع ماي من سنة 1925 أخرجوا للوجود قانون ڤونتوز المستمد أصوله من القانون الروماني المسمى التوثيق الفرنسي أو ما تعارف عليه المغاربة بالتوثيق العصري، من مواده أن الموثق هو موظف عمومي جنسيته فرنسية و أحد طرفي التعاقد فيه أن يكون فرنسيا أو من الرعايا الفرنسيين و الطرف الثاني مغربي، فتم لهم ما أرادوا و استبعد العدول المواطنون و همشوا، لكن إرادة الشعب كانت أقوى، فتم تحرير الوطن من نير مستعمر غاشم ، لكن بقي التوثيق “العصري” حاضر ا و مهيمنا لأن المستعمر رغم مغادرته المغرب ترك أولاده من بني جلدتنا يخدمون مصالحه و أهدافه..
واستمر العمل بتوثيقين توثيق عدلي الذي كان هو الأصل كما هو معمول به في كل دول العالم و توثيق عصري جاء مع دبابة المستعمر فرحل المستعمر و بقي هو، و هذا يعتبر خرق سافر للقانون كيف ذلك ؟ وجدنا في تلك الفترة إلى غاية سنة 2011 أن الموثق مغربي و الأطراف مغاربة و تم توثيق معاملاتهم ضدا على القانون، لكن تم تدارك الأمر بمغربة التوثيق الذي اصطلح عليه بالعصري، و طرح السؤال ما صحة تلك المعاملات التي أبرمت خلال تلك الفترة من طرف موثق مغربي و الأطراف مغاربة ؟
ومنذ تلك الفترة و العدول يعيشون بقوانين مجحفة تضم مواد تجعلهم بشكايات كيدية يتوقفون عن العمل المادة 48 على سبيل المثال.
اليوم و بعد نضال طويل و تضحيات كثيرة و خدمة للمواطن و الوطن نجابه بمشروع قانون ظالم سلبت منه اتفاقات موقعة بمحاضر بين ممثلي وزارة العدل و ممثلي الهيئة الوطنية لعدول المغرب، منها آلية الإيداع و وضعت مواد كثيرة خانقة لأنفاس العدول بصيغة يجب و استبعدت صيغة الحماية لمزاولة المهنة، مما خلق تذمرا لدى جميع العدول..
و اعتبروا ما وقع انتكاسة و ردة ، و قرروا أن يدخلوا في أشكال نضالية متنوعة حتى يلتفت المشرع لما يطلبونه و هي حقوق مشروعة، تضمن لهم العمل في أريحية و حماية مثلهم مثل باقي المهن، مطالبين بالاحتكام للدستور و القانون، و ملتزمين بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، و محملين وزير العدل المسؤولية في الانقلاب الذي وقع لأن التشاركية معناها تنزيل ما اتفق عليه و إلا اعتبرنا أن تلك اللقاءات كانت عبثا و هذا لا يليق و ضرب للتشاركية المزعومة و تنزيل للأحادية التي تؤمن لا أريكم إلا ما أرى.
الوطن يحتاج لكل أبنائه و خدماتهم، فرفقا بهذا الوطن و حكموا العقل قبل أن ندخل في معارك سيكون المواطن هو المتضرر منها بتعطيل مصالحه.
* رئيس سابق للمجلس الجهوي لعدول استئنافيّة الرباط و كاتب عام سابق للنقابة الوطنية لعدول المغرب





تحية إجلال وتقدير، لكم أستاذنا العزيز. ودمت كما عهدناك دائما، فخرا وسندا لخطة العدالة، رغم أنف أعدائها الكثيرين.