آراء
أخر الأخبار

في شأن التعليم والإنسان.. أؤمن أن الطفل هو الطفل أينما وُجد

وأقولها بصدق: إنني لا أرى المغرب بلدًا آخر؛ بل هو بلدي كما السودان بلدي، وكما كل أرضٍ يؤمّها الإنسان تصبح لي فيها جذور من الرحمة والمسؤولية..

سواء في السودان أو المغرب، في جنوب أفريقيا أو أمريكا الجنوبية؛ فالبراءة واحدة، والاحتياج واحد، والألم واحد. وإذا قُدّر لنا أن ننتشل طفلًا واحدًا من براثن الفقر وقسوة الحياة، فقد أدّينا أعظم رسالة يمكن لإنسان أن يحملها.

وقد بلغني—غير مرّة—عتاب من البعض يسأل: لماذا تساعد غير أبناء بلدك؟

وأقولها بصدق: إنني لا أرى المغرب بلدًا آخر؛ بل هو بلدي كما السودان بلدي، وكما كل أرضٍ يؤمّها الإنسان تصبح لي فيها جذور من الرحمة والمسؤولية. فالإنسانية عندي لا تختزل في جغرافيا، ولا تُحجز داخل حدود، ولا تحمل لونًا أو قبيلة أو جهة.

بل إن بعضهم، في تهكّمٍ لطيف لا يخلو من الدهشة، صار يبارك لي «الجنسية المغربية» لأنني أعمل للمغرب. وأقول له: والله لو جاءتني لأفتخرنّ بها، فالشرف كل الشرف أن ينتمي الإنسانُ إلى أرضٍ يحبها ويخدمها.

من يساعد في السودان أو المغرب أو أي بقعة من العالم… فالله يجزيه على قدر نيّته، «ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها».

وقد عملت للسودان عقودًا طويلة، وما زلت أعمل في مدارسه ومجتمعه، وأعمل للمغرب، وللكونغو، ولأماكن كثيرة أبلغها بالمعرفة أو بالدعم المعنوي أو المادي.

غير أن شيئًا من الأسى تسلّل إليّ حين قال لي بعضهم:

ألم ترَ ما يحدث هنا؟ ألم ترَ ما يحدث هناك؟

كأنما يريدون مني أن أحصر إنسانيتي في موضع واحد، أو أن أعتذر لأن قلبي اتّسع لأكثر من وطن.

أنا أقوم بما تُملِيه عليّ مسؤوليتي، «وكل نفس بما كسبت رهينة».

لكن أين مسؤولية الآخرين؟ وهل وُجد الإنسان ليُراقب في أي اتجاه يمدّ أخوه يده؟ أم ليَمدّ يده هو أيضًا حيث يحتاجه الناس؟

وربّنا يوفّق الجميع لعمل الخير… فالعالم يتّسع لنا جميعًا، إذا اتّسعت قلوبنا له.

https://anbaaexpress.ma/yatgt

محمد بدوي مصطفى

كاتب وباحث سوداني مقيم في ألمانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى