أفريقياسياسة
أخر الأخبار

تسريبات اتفاق أمني تونسي جزائري.. تعيد الجدل حول السيادة وحدود القرار الوطني

أعادت تسريبات نسبت إلى مصادر جزائرية ملف الاتفاق الأمني بين تونس والجزائر إلى صدارة النقاش العام، بعدما كشفت وثائق متداولة عن بنود قيل إنها تمنح للقوات الجزائرية صلاحيات تدخل داخل الأراضي التونسية، ما أثار تساؤلات واسعة حول استقلالية القرار السيادي التونسي وطبيعة التوازن في العلاقة الأمنية بين البلدين.

وبحسب ما ورد في هذه التسريبات، فإن الاتفاق الموقّع في 7 أكتوبر 2025 يتيح للقوات الأمنية والعسكرية الجزائرية التدخل داخل تونس بطلب من السلطات التونسية في إطار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مع إمكانية التوغل لمسافات قد تصل إلى عشرات الكيلومترات، إلى جانب ترتيبات مالية تلزم تونس بتغطية النفقات اللوجستية وتعويض القوات المشاركة، مع الإشارة إلى آليات تعويض بديلة في حال العجز عن السداد.

صحيفة لوفيغارو الفرنسية اعتبرت أن هذه المعطيات، إن صحت، أثارت قلقًا ملحوظًا داخل الأوساط التونسية، خاصة في ظل عدم عرض مثل هذه الاتفاقيات على البرلمان وتصنيفها ضمن أسرار الدولة، معتبرة أن مضمونها يعكس اختلالًا في ميزان العلاقة ويضع السلطة التونسية في موقع تابع، بما يتناقض مع الخطاب الرسمي حول السيادة ورفض التدخلات الخارجية.

وأضافت الصحيفة أن بعض البنود، ولا سيما تلك المتعلقة بإلزام تونس بإخطار الجزائر مسبقًا بأي اتفاق أمني مع أطراف أخرى، تطرح إشكاليات حقيقية حول هامش القرار الوطني، وتعكس في الوقت نفسه مستوى الاعتماد التونسي على الجزائر في المجال الأمني، في سياق إقليمي ودولي معقّد.

في المقابل، سارعت السلطات التونسية إلى نفي صحة الوثائق المتداولة، ووصفتها بالمزورة، متهمة جهات معادية بمحاولة التشويش، من دون تقديم توضيحات تفصيلية حول طبيعة الاتفاق أو التزاماته العملية، وهو ما زاد من منسوب الجدل والشكوك.

في هذا السياق، أصدرت حركة “حق” التونسية، وهي ائتلاف يضم أحزابًا ونشطاء معارضين، بيانًا عبّرت فيه عن قلقها من غياب التواصل الرسمي، معتبرة أن الفراغ المعلوماتي فتح الباب أمام الإشاعات وأربك الرأي العام، ودعت إلى نشر النص الكامل للاتفاقية باعتباره السبيل الوحيد لقطع الطريق أمام التأويلات المتضاربة.

وأكدت الحركة أن الشعب، بوصفه مصدر السيادة، معني بشكل مباشر بأي التزامات استراتيجية تمس حاضر البلاد ومستقبلها، محذّرة من أن الاعتماد المفرط على التوازنات الخارجية لا يمكن أن يعوّض ضعف الشرعية الداخلية أو غياب الشفافية في إدارة الملفات السيادية، مع التشديد في الوقت ذاته على الطابع الاستراتيجي للعلاقات التونسية–الجزائرية وضرورة بنائها على الوضوح واحترام سيادة الطرفين.

ويأتي هذا الجدل بعد إعلان وزارة الدفاع الجزائرية، في أكتوبر 2025، عن توقيع اتفاق للتعاون الدفاعي مع تونس خلال زيارة رسمية لوزير الدفاع التونسي، واصفة الخطوة حينها بأنها محطة مفصلية في العلاقات العسكرية الثنائية، من دون الكشف عن تفاصيل بنود الاتفاق أو مجالات تطبيقه.

https://anbaaexpress.ma/sqw8i

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى