إحتضنت العاصمة الرباط، يوم الأربعاء 17 دجنبر 2025، لقاءً وطنيًا نظمته وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل، حول موضوع “مكافحة الأخبار الزائفة: مقاربات ورؤى متقاطعة”، وذلك بالمعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي، في سياق يتسم بتنامي تحديات التضليل في الفضاءين الإعلامي والرقمي.
ويأتي هذا اللقاء ضمن رؤية مؤسساتية تروم تحصين المجتمع من الأخبار الزائفة، باعتبارها ظاهرة عابرة للحدود تمس الأفراد والمؤسسات وتهدد الثقة العامة، خاصة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
وأكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن مواجهة الأخبار المضللة تقتضي تكامل الجهود بين الدولة، والإعلام، والمجتمع، مبرزًا أن الحق في المعلومة، كما كرسه دستور 2011، يظل حجر الزاوية في بناء الديمقراطية وتعزيز التنمية.
وإعتبر أن أخطر ما تفرزه الأخبار الزائفة هو تحولها إلى أداة للمساس بالمؤسسات وإضعاف المناعة الوطنية.
وشدد الوزير على أن أفضل رد على الزيف هو المعلومة الصحيحة، داعيًا إلى تقوية الإعلام العمومي والخاص، ودعم الصحافة الاستقصائية وآليات التحقق، مع الاستثمار في التربية الإعلامية والرقمية، خصوصًا لدى الشباب، لتحويلهم من مستهلكين سلبيين إلى فاعلين ناقدين.
كما أكدت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، خلال اللقاء أن الأخبار الزائفة تعكس اختلالات عميقة في المنظومة الإعلامية وتهدد حق المواطن في المعلومة الموثوقة.
مبرزة تنامي أساليب التضليل بالمغرب، مع استغلال قضية الصحراء المغربية في حرب إعلامية عبر معطيات وخرائط مزيفة وسرديات مضللة.

ومن زاوية مهنية، استعرض أحمد العطاري، مدير البحث والاستراتيجية بوكالة المغرب العربي للأنباء، تجربة الوكالة في التصدي للتضليل، من خلال اعتماد معايير مهنية صارمة، وتوظيف أدوات تحقق متقدمة، إضافة إلى انخراطها في مبادرات إفريقية، أبرزها شبكة صحافيي التحقق من الوقائع بوكالات الأنباء الإفريقية.
بدوره، أكد الإعلامي جامع كلحسن أن الصحافي اليوم مطالب بالتأقلم مع تحديات الذكاء الاصطناعي عبر التكوين المستمر، مشددًا على أن محاربة الأخبار الزائفة تبدأ بتوفير مصادر رسمية ومفتوحة للمعلومة.
فيما دعت نرجس الرغاي، عضو المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، إلى تعزيز دور الإعلام السمعي البصري التقليدي في تنمية الحس النقدي لدى المواطنين.
وفي السياق ذاته، اعتبر نوفل الرغاي، المدير العام لإذاعة “شدى”، أن التحقق يظل فعلًا بشريًا أساسه الأخلاق المهنية، رغم أهمية أدوات الذكاء الاصطناعي، محذرًا من توظيف “اقتصاد الانتباه” والخوارزميات في توجيه الرأي العام.
أما من الجانب القانوني، فأبرز القاضي محمد أمين الجرداني دور الترسانة التشريعية في المقاربة الوقائية، مع الإشارة إلى توجه وزارة العدل نحو تحيين النصوص القانونية لتجريم بعض ممارسات التضليل.
واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن مكافحة الأخبار الزائفة مسؤولية جماعية، تتطلب تنسيقًا دائمًا بين المؤسسات، والإعلام، والخبراء، والمجتمع المدني، مع التوجه نحو بلورة توصيات عملية تعزز الثقة في المعلومة وتحمي الفضاء العمومي من التضليل.
وجدير بالذكر، اللقاء جمع فاعلين مؤسساتيين ومهنيي الإعلام وخبراء وحقوقيين، كما أن مثل هذه المبادرات تعزز الوعي المجتمعي وتؤكد أهمية التعاون بين المؤسسات والإعلام والمواطنين في بناء مجتمع محصن ضد التضليل الرقمي.




