استقبل رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الوفد الحكومي المغربي برئاسة عزيز أخنوش، في إطار انعقاد قمة رفيعة المستوى تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية الممتازة بين البلدين ودفع مسار التعاون الثنائي نحو آفاق جديدة تشمل قطاعات الزراعة والصيد البحري والتجارة والهجرة والضرائب والرقمنة ومكافحة التطرف والإرهاب، إضافة إلى التعاون بين المدارس الدبلوماسية والرياضة.

وخلال هذه القمة، التي بُثّت مباشرة عبر حساب رئاسة الحكومة الإسبانية، ترأس سانشيز وأخنوش توقيع سلسلة من الاتفاقيات الاستراتيجية التي تُجسِّد متانة العلاقات بين الرباط ومدريد.
ورغم ذلك، تم تجنّب الخوض في بعض الملفات الحساسة التي سبق أن أثارت جدلاً إعلاميًا، خصوصًا تلك المرتبطة بترسيم الحدود البحرية والمجال الجوي للصحراء، إذ أوضحت مصادر مطلعة أن هذه القضايا كانت موضوع تضخيم إعلامي أكثر من كونها خلافات حقيقية بين الجانبين.
سياق سياسي.. استمرار الدعم الإسباني لمبادرة الحكم الذاتي
عاد ملف الصحراء المغربية ليحتل مكانة مركزية خلال مباحثات مدريد، حيث جدّدت الحكومة الإسبانية موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب منذ عام 2007، باعتبارها الحل الأكثر جدية ومصداقية وواقعية، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة.
ويُمنح وفق هذه المبادرة للسكان الصحراويين مستوى واسعًا من تدبير شؤونهم الداخلية تحت السيادة المغربية، مع احتفاظ الدولة بملف السياسة الخارجية والدفاع.

وشددت مدريد، خلال الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع رفيع المستوى، على أن العلاقات الحالية مع الرباط هي الأفضل في تاريخ البلدين، وهو ما يعكس التحول الكبير منذ مارس 2022 حين أعلنت حكومة سانشيز دعمها لمقترح الحكم الذاتي. وقد تبع ذلك استقبال الملك محمد السادس لرئيس الحكومة الإسبانية في فبراير 2023 ووضع خارطة طريق جديدة للعلاقات الثنائية، قبل تنظيم الدورة الثانية عشرة من هذا الاجتماع في الرباط سنة 2023، حيث تم توقيع عشرات الاتفاقيات، إضافة إلى بروتوكول مالي بقيمة 800 مليون يورو.
زخم دبلوماسي واقتصادي قوي
شهدت العلاقات الثنائية خلال الأشهر الماضية نسقًا تصاعديًا من التنسيق السياسي والدبلوماسي بين وزارتي الخارجية في البلدين، وصولًا إلى انعقاد الدورة الثالثة عشرة في مدريد، التي أفرزت توقيع اتفاقيات مهمة تخص الزراعة والصيد البحري والتجارة والضرائب والهجرة والرقمنة ومكافحة التطرف والتعاون الدبلوماسي والرياضة.

ومن المرتقب أن تحتضن الرباط أو الدار البيضاء في 10 فبراير المقبل قمة ثلاثية تجمع المغرب وإسبانيا والبرتغال للتحضير لمونديال 2030 الذي ستستضيفه الدول الثلاث، وهو مشروع يُرتقب أن يُولد فرصًا اقتصادية وتجارية كبيرة ويمنح إشعاعًا دوليًا واسعًا لهذه الدول.
كما تُسجل العلاقات بين الأسرتين الملكيتين في البلدين مستوى عاليًا من التفاهم، حيث تجمع الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس علاقات ممتازة، مما يعزز هذا المسار الإيجابي للعلاقات الثنائية.
وتأتي القمة الإسبانية-المغربية مباشرة بعد دعم مجلس الأمن الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية بأغلبية كبيرة، في حين سجلت روسيا والصين فقط الامتناع عن التصويت. وفي المقابل، يواصل خيار الانفصال الذي يدعمه “البوليساريو” ويحظى بتأييد الجزائر تراجعًا دوليًا ملحوظًا.
التجارة.. محور أساسي للعلاقات الثنائية
احتل الملف التجاري مكانة بارزة في القمة، إذ تُعتبر العلاقات الاقتصادية بين البلدين من الأكثر نشاطًا في المنطقة. ويُمثّل المغرب الشريك التجاري الأول لإسبانيا في إفريقيا، وواحدًا من أهم شركائها عالميًا، بحجم مبادلات يتجاوز 22.7 مليار يورو.

وتشير بيانات وكالة “ICEX” الإسبانية إلى أن صادرات إسبانيا نحو المغرب بلغت 12.8 مليار يورو العام الماضي، مقابل واردات بقيمة 9.8 مليار يورو من المغرب، تُشكلها منتجات نسيجية وزراعية وبحرية وكهربائية، بينما تتضمن الصادرات الإسبانية نحو المغرب معدات صناعية وآليات وسيارات ومنتجات كيميائية وغذائية.
الاتفاقيات الموقعة
شهد قصر مونكلوا توقيع حزمة واسعة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات مختلفة، نذكر منها:
مذكرة تفاهم حول السياسة الخارجية النسوية.
مذكرة تعاون بين المدارس الدبلوماسية.
اتفاق لتبادل الشباب الدبلوماسيين.
إعلان نوايا حول تبادل المعلومات التقنية المرتبطة بالصناعة التشريعية الرقمية.
مذكرة حول التراث الوثائقي ورقمنة الأرشيف.
مذكرة تعاون قضائي في تبادل طلبات التعاون إلكترونيًا.
مذكرة حول التعاون الضريبي.
إعلان نوايا حول التعاون في مكافحة خطاب الكراهية.
مذكرة تعاون في البحث الجغرافي والعلمي.
مذكرة تعاون في الزراعة والصناعات الغذائية.
مذكرة حول الصيد البحري وتطوير قطاع تربية الأحياء المائية ومحاربة الصيد غير القانوني.
اتفاق لتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في المدارس الإسبانية بالمغرب.
مذكرة تعاون في المجال الرياضي.
تمديد مذكرة التفاهم في مجال الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي.





