تتجه الأنظار داخل الأوساط الحكومية الإسبانية إلى الدور الأمريكي المتصاعد في ملف الطاقة بالمنطقة، مع مؤشرات على إمكان كسر الجمود الذي يطبع أزمة خط أنابيب الغاز المار عبر المغرب، في ظل تعقيدات سياسية إقليمية وحسابات أوروبية متشابكة.
وتراهن مدريد على أن الوساطة الأمريكية قد تفتح نافذة تفاوض جديدة تسمح بإعادة تشغيل الخط، بعدما فشلت المبادرات الأوروبية والإسبانية سابقًا في إقناع الجزائر بتغيير موقفها الرافض.
ويُنظر إلى واشنطن باعتبارها طرفًا قادرًا على فرض توازنات مختلفة، خاصة في سياق إعادة ترتيب خرائط الطاقة العالمية بعد الحرب في أوكرانيا.
بالنسبة لإسبانيا، لا يقتصر الرهان على تزويد المغرب بالغاز، بل يتجاوز ذلك إلى تعزيز موقعها كبوابة طاقية نحو أوروبا، خصوصًا في ظل القيود المرتقبة على واردات الغاز الروسي ابتداءً من عام 2027.
فتح الخط من جديد قد يمنح مدريد هامش مناورة إضافيًا لتوجيه الغاز نحو السوق الفرنسية، مستفيدة من استمرار عمل خط “ميدغاز” المباشر مع الجزائر.
غير أن هذا الملف يظل محكومًا بخلفيات سياسية عميقة، أبرزها تداعيات الموقف الإسباني الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، وهو ما فجّر توترًا غير مسبوق مع الجزائر، تُرجم إلى قيود تجارية صارمة استُثني منها قطاع الغاز بحكم طابعه الاستراتيجي.
في المقابل، تحاول الرباط نزع فتيل الشكوك عبر التأكيد على أن الغاز الذي تتلقاه من إسبانيا مصدره الأسواق الدولية في شكل غاز طبيعي مسال، يعاد تحويله في محطات إسبانية قبل ضخه عبر الأنبوب، دون مساس بالعقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا.
في المحصلة، تمثل الوساطة الأمريكية اختبارا جديدا لقدرة واشنطن على إعادة ضبط توازنات الطاقة في غرب المتوسط، وفرصة لإسبانيا لإعادة التموضع في معادلة إقليمية معقدة، حيث يتداخل الاقتصادي بالسياسي، وتتحول أنابيب الغاز إلى أدوات نفوذ بامتياز.





تعليق واحد