تكثّف واشنطن في الأسابيع الأخيرة تحرّكاتها الدبلوماسية لإعادة ترتيب العلاقة بين مصر وإسرائيل، بعد أشهر من التوتر الذي فجّرته حرب غزة والتطورات التي أعقبتها في سيناء.
وترى الإدارة الأميركية أن استمرار القطيعة السياسية بين القاهرة وتل أبيب يعرقل إدارتها لعدد من الملفات الأمنية والاقتصادية في المنطقة، ما دفعها إلى إطلاق جهود وساطة تستند إلى ضغوط مباشرة وحوافز اقتصادية.
وتسعى الولايات المتحدة، بحسب مصادر أميركية وإسرائيلية، إلى تهيئة الظروف لعقد لقاء يجمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطوة تراها واشنطن ضرورية لإعادة فتح قنوات الاتصال السياسي المتوقفة منذ اندلاع الحرب على غزة.
وتضع الإدارة الأميركية ملف الطاقة في مقدمة أدوات الضغط، إذ تعمل على دفع إسرائيل للموافقة على صفقة طويلة الأمد لتصدير الغاز نحو مصر، تقدر قيمتها بنحو 35 مليار دولار حتى عام 2040.
وتعتبر واشنطن أن توقيع الاتفاق يمكن أن يشكل مدخلاً لتخفيف الاحتقان، خصوصاً أن مصر تعتمد على الغاز الإسرائيلي لإعادة التسييل والتصدير إلى الأسواق الخارجية.
في المقابل، تتعامل القاهرة بحذر مع خطوات إسرائيل في غزة، وخصوصاً ما تصفه بمحاولات خلق واقع ديموغرافي جديد، إضافة إلى تعزيزها الوجود العسكري في سيناء استناداً إلى اعتبارات أمنية. هذه التحركات أثارت قلق تل أبيب التي ترى فيها مؤشراً على تراجع الثقة بين الجانبين.
ولا يقتصر التحرك الأميركي على مصر وإسرائيل؛ إذ تبحث واشنطن حزمة مشاريع اقتصادية موجهة لعدد من الدول العربية، بينها لبنان وسوريا، في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، في سياق مساعٍ لربط هذه الدول بشبكات تعاون أوسع قد تُوظَّف لاحقاً في مسارات تطبيع جديدة.
وتأتي هذه المبادرات بالتوازي مع ضغوط تمارس على السعودية للمضي في خطوات تطبيع مشروطة بقيام دولة فلسطينية.
وتعتقد واشنطن أن تعزيز التعاون الاقتصادي قد يمنح الدول العربية دوافع إضافية للانخراط في ترتيبات سياسية جديدة.
وفي هذا السياق، تبرز دعوات داخل مراكز القرار الأميركي لتبنّي مقاربة «دبلوماسية اقتصادية» تمنح القطاع الخاص دوراً أكبر في أي عملية سلام مستقبلية.
وبحسب تقديرات دبلوماسية، فإن جانباً من إصرار الإدارة الأميركية على عقد قمة مصرية–إسرائيلية يرتبط أيضاً برغبتها في تجاوز تداعيات رفض نتنياهو المشاركة في قمة شرم الشيخ الخاصة بغزة، وهو ما فَسّرته القاهرة حينها كمؤشر سلبي على توجهات الحكومة الإسرائيلية.
وبين الضغط والمساومة، تبدو واشنطن مصمّمة على خفض منسوب التوتر بين القاهرة وتل أبيب باعتبار أن الاستقرار بين الطرفين يمثل عنصراً أساسياً في رؤيتها للأمن الإقليمي ومستقبل التسوية في الشرق الأوسط.




