بحث رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أبوظبي سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في لقاء عكس متانة العلاقات الثنائية واتجاهها المتسارع نحو مجالات تتجاوز التعاون السياسي التقليدي إلى الاقتصاد المتقدم، والذكاء الاصطناعي، والطاقة، والدفاع.
وخلال المحادثات، ناقش الجانبان فرص توسيع الاستثمارات المشتركة، وتعميق التعاون في الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والاستدامة، إلى جانب الملفات الثقافية والتعليمية.
ويأتي ذلك في سياق تنفيذ سلسلة اتفاقات ومذكرات تفاهم وُقعت خلال السنوات الأخيرة، جعلت من العلاقة الإماراتية-الفرنسية نموذجًا لشراكة متعددة الأبعاد في منطقة الخليج.
زيارة ماكرون، التي تستمر يومين، تحمل بعدًا سياسيًا وآخر عسكريًا. فإلى جانب اللقاءات الرسمية، تفقد الرئيس الفرنسي القوة العسكرية الفرنسية المتمركزة في أبوظبي، وألقى خطابًا أمام الجنود، أعلن خلاله عزم باريس إطلاق برنامج جديد لبناء حاملة طائرات، في إشارة إلى تعزيز الحضور البحري الفرنسي وقدرته على العمل في مسارح بعيدة.
وتعكس هذه الزيارة إدراكًا فرنسيًا لأهمية الإمارات كشريك استراتيجي في منطقة تتسم بتقلبات أمنية متسارعة، كما تعكس في المقابل حرص أبوظبي على تنويع شراكاتها الدولية مع قوى كبرى تمتلك خبرات متقدمة في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والفضاء.
على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، تستند العلاقات بين البلدين إلى حضور بشري وتجاري لافت، إذ تضم الإمارات أكبر جالية فرنسية في الخليج، إلى جانب آلاف الشركات ذات الترخيص الفرنسي العاملة في قطاعات متنوعة، ما يمنح الشراكة بعدًا عمليًا يتجاوز الإطار الدبلوماسي.
أما على الصعيد الاستراتيجي بعيد المدى، فقد أتاح الحوار الإماراتي-الفرنسي 2025 توسيع مجالات التعاون ذات الأولوية، بما يشمل الطاقة النووية السلمية، والفضاء، والصحة، والتعليم، والذكاء الاصطناعي. ويبرز هذا الأخير كأحد محاور التقارب الجديدة، حيث يؤكد الطرفان على الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات لخدمة التنمية والاستقرار العالميين.
كما تمتد الشراكة إلى مجالات الثقافة والتعليم، من خلال دعم التعليم الفرنسي في الإمارات، واستمرار تجربة جامعة السوربون أبوظبي، وتطوير برامج أكاديمية وتقنية مشتركة، إضافة إلى تعاون متقدم في مجال الفضاء والاستكشاف والرحلات البشرية.
تحليلا أوسع، تعكس زيارة ماكرون رغبة متبادلة في ترسيخ شراكة طويلة الأمد قادرة على التكيف مع التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية، حيث ترى باريس في أبوظبي شريكا موثوقا في الشرق الأوسط، فيما تنظر الإمارات إلى فرنسا كقوة أوروبية قادرة على الإسهام في بناء توازنات جديدة قائمة على الابتكار والتنمية، لا على الحسابات الأمنية وحدها.




