آراءسياسة
أخر الأخبار

المملكة المغربية وألمانيا.. شراكة استراتيجية ورؤية مستقبلية للصحراء المغربية

الشراكة الألمانية المغربية نافذة مشرعة على المستقبل، يطل منها المغرب كفاعل اقتصادي وسياسي واستراتيجي، قادر على الجمع بين التنمية والسيادة، بين الطموح الوطني والشراكة الدولية، وبين العقل السياسي والفكر الاقتصادي..

يمتد ارتباطي بالمغرب إلى جذور ثقافية وفكرية عميقة تجعلني أتابع شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتباره نموذجًا فريدًا يستحق التأمل والدراسة.

ثقتي التامة بالمغرب تنبع من هذه الرؤية، إذ أراه قادرًا على أن يكون محركًا للتطور ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل على الصعيدين الإفريقي والعربي على حد سواء، وأن تجاربه التنموية ودبلوماسيته الحكيمة يمكن أن تصنع نموذجًا يُحتذى به في المنطقة.

وفي هذا الإطار، يبرز المغرب اليوم كشريك استراتيجي لألمانيا، ليس فقط في مجالات التنمية الاقتصادية أو الاستثمار في البنية التحتية والطاقة المتجددة، بل كقوة قادرة على التأثير في الاستقرار الإقليمي، وبناء جسور التعاون بين إفريقيا وأوروبا.

إنّ الإعلان عن برنامج التعاون الألماني المغربي بقيمة 630 مليون يورو للفترة 2026–2027 ليس مجرد اتفاقية تمويل، بل بداية فصل جديد من الشراكة التي تجمع بين التنمية المستدامة، الابتكار في الطاقة النظيفة، دعم المشاريع الاجتماعية، وتأكيد سيادة المغرب ومكانته الإقليمية.

كلنا يعلم يا سادتي، أن المغرب يمتلك موارد طبيعية غنية، من شمس تغمر صحاريه وريح تعانق سواحله، وهذه الثروة جعلته شريكًا مثاليًا لألمانيا في مجال الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.

إنّ هذا التعاون يعكس رؤية استراتيجية مشتركة، حيث يساهم المغرب في تحقيق أهداف أوروبا في التحول إلى اقتصاد صديق للبيئة، وفي الوقت ذاته يؤكد قدرة الدولة على توظيف مواردها الوطنية لخدمة مصالحها ومصالح شركائها الدوليين.

وجدير بالذكر أن هذا التعاون يشمل أيضًا تطوير المدن والبنية التحتية، وإدارة المياه والبيئة، ودعم القطاع الخاص والمبادرات الاجتماعية، لتصبح التنمية الاقتصادية أداة لتعزيز رفاهية المجتمع، ولترسيخ الاستقرار، بما يتماشى مع السيادة الوطنية ويصون مصالح المغرب العليا.

وفي قلب هذه الشراكة تتلألأ قضية الصحراء المغربية، ليس كعبء سياسي أو نزاع مستمر، بل كفرصة للتأكيد على رؤية المغرب الثابتة، والحكم الذاتي الذي طرحه منذ عام 2007 كحل واقعي ودائم.

نجد أن موقف ألمانيا والاتحاد الأوروبي، الداعم للحلول العملية ضمن إطار الأمم المتحدة، يُظهر بوضوح أن أوروبا ترى المغرب كدولة ناضجة ومسؤولة، قادرة على إدارة الإقليم بحكمة وعدالة، ومؤهلة لتنفيذ مشاريع تنموية تتوافق مع استراتيجياتها الوطنية.

إن الاستثمار الألماني والأوروبي في مشاريع الطاقة والبنية التحتية في الصحراء ليس مجرد دعم مالي، بل تأكيد عملي على مصداقية المغرب ونجاح رؤيته السياسية، ليصبح كل مشروع تنموي رمزًا للسيادة الوطنية والنجاح الدبلوماسي في الوقت ذاته.

فيا سادتي، إن الجمع بين التنمية الاقتصادية والسياسة الذكية يظهر كيف يمكن للمغرب أن يحوّل التحديات إلى فرص، وأن يجعل من التنمية رافعة لشرعيته ومصداقيته على المستوى الدولي.

كل مشروع للطاقة المتجددة، وكل استثمار في البنية التحتية، وكل مبادرة اجتماعية في المناطق الصحراوية، يؤكد أن الصحراء لم تعد مجرد نزاع، بل أصبحت نموذجًا حيًا للتنمية المستدامة، ورافدًا للاستقرار، وعنوانًا لتفوق الدولة الواعية في إدارة شؤونها الداخلية والدولية.

وهكذا تصبح الشراكة الألمانية المغربية نافذة مشرعة على المستقبل، يطل منها المغرب كفاعل اقتصادي وسياسي واستراتيجي، قادر على الجمع بين التنمية والسيادة، بين الطموح الوطني والشراكة الدولية، وبين العقل السياسي والفكر الاقتصادي، ليثبت أن إرادة الدولة الواعية يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا، وأن الرؤية المتأنية يمكن أن تحول المستحيل إلى واقع ملموس، وأن المغرب اليوم هو مثال حي على دولة تنمية واستقرار وسيادة، تحلق في فضاء المستقبل بثقة وإصرار.

https://anbaaexpress.ma/ysit7

محمد بدوي مصطفى

كاتب وباحث سوداني مقيم في ألمانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى